العوامل الاجتماعية والثقافية المؤدية لظاهرة الطلاق في ضوء التغيرات الاجتماعية في المجتمع الفلسطيني – دراسة في جنوب الضفة الغربية من عام 2013 لغاية عام 2016

 

              کلیة التربیة

        کلیة معتمدة من الهیئة القومیة لضمان جودة التعلیم

        إدارة: البحوث والنشر العلمی ( المجلة العلمیة)

    =======

 

العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016

 

 

إعـــداد

د / محمد إبراهیم عکة

أستاذ مشارک فی تخصص علم الاجتماع- رئیس قسم علم الاجتماع سابقاً

جامعة فلسطین الأهلیة – بیت لحم – عمید کلیة العلوم التطبیقیة

muhokkeh@yahoo.com

muhokkeh@paluniv.edu.ps

 

 

}     المجلد الخامس والثلاثون– العدد الثالث – جزء ثانى –  مارس 2019م {

http://www.aun.edu.eg/faculty_education/arabic

 

 

الملخص

هدفت الدراسة تعرف العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016، واستعانت الدراسة بالمنهج الوصفی لوصف ظاهرة الطلاق وتحلیلها وتفسیر أثر التغیر الاجتماعی على انتشار الظاهرة فی المجتمع الفلسطینی، واستعانت الدراسة بمنهج دراسة الحالة للتعمق فی جمع البیانات من المیدان عن طریق المقابلة، وتکون مجتمع الدراسة من جمیع المطلقات والمطلقین فی محافظات جنوب الضفة الغربیة محافظة بیت لحم ومحافظة الخلیل والبالغ عددهم حسب احصاءات المحاکم الشرعیة (4443) حالة، واعتمد الباحث أداة الاستبانة وأداة المقابلة کأداتین لجمع البیانات من المیدان، وتم الاستعانة بالعینة القصدیة وذلک لصعوبة الوصول إلى جمیع حالات الطلاق فی مجتمع الدراسة، وخلصت الدراسة إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     وجود فروق فی مجال العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة. لصالح3501 لغایة 5000 شیکل.

2)     وجود فروق فی مجال العوامل الثقافیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة 1450 شیکل.

3)     وجود فروق فی مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 19-25 سنة، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة 1450 شیکل

4)     وجود فروق فی العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح قبل الدخول أی فی فترة الخطوبة، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة لصالح 1450 شیکل فأقل.

الکلمات المفتاحیة: العوامل الاجتماعیة، العوامل الثقافیة، التغیرات الاجتماعیة، ظاهرة الطلاق،  المجتمع الفلسطینی، جنوب الضفة الغربیة

ABSTRACT

This study aims at identifying the social and cultural factors which lead to divorce in the light of the social changes in the Palestinian society - A study in the southern West Bank from 2013 to 2016. The study uses the descriptive approach to describe the divorce phenomenon and analyzes it and explains the impact of social changes on the spread of this phenomenon in the Palestinian society. The study also uses the case study methodology to deepen the data collection from the field by using the interviews. The population of study consists of all divorced men and divorced women in the southern governorates of the West Bank, Bethlehem governorate and Hebron governorate, which based on  the statistics of the Shari'a Courts are (4443) cases. The researcher uses the questionnaire  and the interview in order to collect data from the field. Due to the difficulty of reaching all cases of divorce in the study community, the researcher uses the intentional sample. The study concludes the following main findings:

1.         There are statistically significant differences in the social and economic factors that lead to divorce due to the variable of age of marriage in the favor of 18 years and less, the duration of marriage in the favor of 3 years or less, the place of living in the favor of  the village, and the family monthly income in favor of 3501 up to 5000 shekels.

2.         There are statistically significant differences in the cultural factors that lead to divorce due to the variable of age of marriage in the favor  of 18 years or less, the duration of marriage in favor of 3 years or less, the place of living in the favor of  the village, and the family monthly income in favor of 1450 shekels.

3.         There are statistically significant differences in the social changes that lead to divorce due to the variable of age of marriage in favor 19-25 years, the duration of marriage in favor of 3 years or less, the place of living in the favor of  the village, and the family monthly income in favor of 1450 shekels.

4.          There are statistically significant differences in the social and cultural factors that lead to divorce in light of the social changes in Palestinian society- A study in the southern West Bank from 2013 to 2016 due to variable of age of  marriage in the favor of  18 years or less, and the duration of married in favor of before enrolling in any engagement period, the place of living in the favor of  the village, and the family monthly income in favor of 1450 shekels.

Keywords: social factors, cultural factors, social changes, divorce phenomenon, Palestinian society, southern West Bank

 

 

المقدمة

تختلف الدیانات فیما بینها فی إباحة حل رابطة الزواج بالطلاق أو التطلیق الذی یصدر به حکممن القضاء، وتتأثر التشریعات الوضعیة بالدیانة التی تعتنقها أغلبیة الجماعة التی تخضع لهذهالتشریعات، نظراً للصلة الوثیقة بین نظام الزواج والعقیدة الدینیة؛ بلْ قد تطبق قواعد الدیانة فی حکمإنهاء الزواج وتتعدد الشرائع المطبقة فی البلد الواحد مع تعدد الأدیان^، الطلاق فی شریعة الإسلام فهو مباح عندما تتعذر العلاقة الزوجیة السلیمة، إلاَّ أنَّ أبغض الحلال إلى الله خضع للتقنین الإلهی حتى لا یتم اللجوء إلیه إلاَّ عند الضرورة القصوى بسبب ما قد یترتب علیه من نتائج سلبیة تتعلق بتفکک الأسرة وربما تشرد الأولاد وقطع الرحِم والنزاع  بین الأقارب.

الکلام عن الطلاق أصبح من البدیهیات فی الآونة الأخیرة، بعدما کان یمثل خطاً أحمراً لا تقربه إلاَّ فئة قلیلة ممن ضاقت بهم سبل العلاقة المقدّسة، وانتهت بهم إلى طریق مسدود، الیوم المشکلات الاجتماعیة والأسریة کلها أصبح مآلها إلى أبغض الحلال، فتقلّصت مساحة الصلح والتراحم، واتسعت رقعة الفراق والطلاق. وأسباب کثیرة تقف وراء هذه الظاهرة التی أضحت تنخر جسد المجتمع الفلسطینی، وتهوی بالأسرة نحو التشتت والانحلال. فلم تعد ظاهرة العنوسة لوحدها مشکلة اجتماعیة طفت على السطح مؤخراً، نتیجة تزاید عدد الإناث بشکل أکبر مقارنة بعدد الذکور، فقد بدأت ظاهرة الطلاق؛ إحدى أبرز الظواهر النامیة بشکل ملفت للانتباه، وهی أشدّ خطورة من سابقتها لما تحمله من بوادر انهیار اجتماعی، وهو ما لا یصحّ للمصلحین والباحثین إغفاله ولا السکوت عنه بعد ظهور آثاره.

أصبحت الأجهزة الحدیثة بدیلاً عن العلاقات والحوارات بین الأفراد وجها لوجه، کما ازدادت ساعات استخدام هذه الأجهزة وعلى الرغم من ایجابیات وسائل الاتصال والتواصل إلا أنه على الجانب الآخر ظهرت صفات سلبیة لهذه التکنولوجیا الحدیثة، وکان من أهمها العزلة والانطوائیة وعدم قبول الفرد لقیم المجتمع، کما أدت فی کثیر من الحالات إلى الشک بین الزوجین أو الخطیبین وکانت سبباً مباشراً فی الانفصال بینمها.

الاختلاف فی الطباع بین الزوجین تؤدی إلى الطلاق، والنفور الطبیعی بینهما الذی قد یرجع لعوامل نفسیة أو اجتماعیة، وقد یؤدی النفور وعدم توافق الأمزجة الى الطلاق، وتدخل الأهل بین الزوجین وعدم وجود خصوصیة ورغم التغیرات التی طرأت وحولت الأسرة من أسرة ممتدة إلى أسرة نوویة إلا أن القیم المتصلة بالعلاقة بین الوالدین والابناء ما زالت کما هی، وما  زال کثیر من الامهات والاقارب یرون أن من حقهم بل ومن واجبهم التدخل فی کل صغیرة وکبیرة فی حیاة ابنائهم.

ان التغیرات الاجتماعیة وما رافقها من زیادة فرض فرص التعلیم والعمل للمرأة، وظهور الحرکات النسویة المطالبة بالمساواة الجندریة الکاملة بین الرجل والمرأة، جعل العلاقة المستقرة تعانی من الاضطراب والخلل، لان التغیرات لم یصاحبها توعیة کافیة للمرأة بالکیفیة التی یمکن الحصول بوساطتها على حقوقها، مما أدى ذلک لسوء العشرة الزوجیة فی محاولة الزوج فرض رأیه على زوجته واستخدام وسائل عنف  مثل التحقیر وغیر ذلک وتنتهی العلاقة الزوجیة بینهما إما بالطلاق أو بالزواج من أخرى.

فی المجتمع الفلسطینی ازدادت حالات الطلاق فی السنوات الماضیة حسب إحصاءات الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی وتبین للباحث أن هناک عوامل خارجیة کانت قد تسببت فی حدوث حالات الطلاق مثل: العولمة، والانترنت، ووسائل الاعلام، وغیر ذلک مما استدعى الباحث لإجراء هذه الدراسة کمحاولة للوقوف على أهم العوامل التی ساعدت على زیادة نسبة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی.

مشکلة الدراسة

تعرض المجتمع الفلسطینی ولا یزال یتعرض لتغیرات اجتماعیة وثقافیة متعددة أثرت على بنائه ووظائفه المختلفة بحیث بدأ یظهر لکبار السن والمثقفین وکأنه مجتمع مختلف عن مجتمعنا التقلیدی الذی ألفناه منذ سنین طویلة. ومن هذه التغیرات ارتفاع النسبة المئویة لحالات الطلاق کما یعلنها جهاز الإحصاء المرکزی ودوائر الأوقاف والمحاکم الشرعیة الفلسطینیة بالمقارنة مع النسب المئویة السابقة، وارتفاع النسبة المئویة لحالات الطلاق قبل الدخول. وبما أن المجتمع هو صانع التغیرات الاجتماعیة والثقافیة بعوامل داخلیة أو بمؤثرات خارجیة، فإن وصف الظاهرة واقتراح الحلول لها یقتضی التعرف إلى هذه العوامل التی تدفع إلى الطلاق متأثرة بالتغیرات المتتالیة والسریعة فی ظل الاحتلال الاسرائیلی الذی یزداد شراسة رغم وجود سلطة فلسطینیة. وربما یقف فی مقدمة التغیرات، ارتفاع نسبة البطالة، وبطالة الخریجین، وغلاء المعیشة، والضغوط السیاسیة، والعولمة، والثقافة المستوردة أو الداخلیة، والانقسام الفلسطینی، والحصار السیاسی والاقتصادی ... الخ.

تعد ظاهرة الطلاق من الظواهر التی تمتاز بطابع الخصوصیة رغم أن تأثیرها یتعدى الفرد لیشمل الأسرة والمجتمع ککل فأطراف العلاقة المتضررون من الطلاق یلحق بهم الأذى المعنوی والمادی مدة طویلة، مما یترتب علیه خلل فی العلاقة الشخصیة والأسریة والاجتماعیة، فقد أضحت هذه الظاهرة مشکلة واضحة فی المجتمع الفلسطینی، تؤرق الحیاة وتغذی الشقاق بین أفراد المجتمع وتمزق نسیج بناءه الاجتماعی وتجعل منهم أفراداً عدیمی المنفعة، من جانب آخر إن للمرأة مکانة ووظیفة فی المجتمع تقوم بها من خلال ما أُسند إلیهـا مـن أدوار اتفق وتعارف علیها المجتمع واستحقاقاً لما ضـمنته وحـصنته لهـا الـشرائع السماویة، بید أن ضروب مختلفة ومتباینة من المؤثرات الداخلیة والخارجیة، ولا سیما ما یتعلق منها بالانفتاح الاقتصادی والتکنولوجیا التی أصبحت فـی متنـاول الجمیـع فضلاً عن مظاهر العولمة الأخرى بکافة عواملها وأدواتها، التی تعاظم أثرها فی السنوات الأخیرة قد أخـذت تؤثر سلباً فی منظومة الأنساق الاجتماعیة المکونة للبناء الاجتماعی الذی بدأ نتاجهـا یظهر للعیان وینال من المرأة ومن أسرتها والمجتمع الذی تنتمی إلیه، مما جعل منهـا ضحیة لمجموع هذه المتغیرات التی عملت مجتمعة على خلق خلل فی العلاقة الأسریة نتج عنه طلاقها وانفصالها عن زوجها وأسرتها ومجتمعها رغم قناعتنا بأن هذا مـا لا تُفض لُه أعراف وشرائع کثیرة من المجتمعات التی تجیز الطلاق.

للطلاق آثار وخیمة على المجتمع تؤدی إلى تفکک لحمة المجتمع وانتشار الخلافات والمنازعات بین أفراد المجتمع، وقد یؤدی الطلاق إلى زعزعة الجوانب الاجتماعیة والمادیة والأمنیة للمجتمع فینتشر القتل والشجار بین أفرد المجتمع بسبب الطلاق،  وکل هذا یعمل على تدمیر کیان المجتمع وهشاشته.

ویفقد الأبناء أهم ما یحتاجون إلیه فی هذه المرحلة کالحب، والحنان، والإحساس بالأمان، والعاطفة الأبویة خاصة إذا کانوا فی مقتبل عمرهم، کما یکون للطلاق نوع من التمرد، والعصبیة، وانهیار الحالة النفسیة للأبناء.

یؤدی الطلاق الى فقدان الزوجة للثقة بنفسها وزعزعة کیانها، وذلک من خلال، اولاً: النظرة الدونیة لها من أهلها ومن المجتمع على أنها مطلقة، ثانیاً: على أنها امرأة،  وکل هذا یؤثر بالسلب على الحالة النفسیة للزوجة المطلقة.

مما سبق یتضح ان التغیرات الاجتماعیة التی عصفت بالمجتمع الفلسطینی کان لها أثر سلبی على استمرار العلاقة الزوجیة وان الانفتاح الثقافی على الثقافات الاخرى أدى الى زعزعة الوازع الدینی، والقیمی المبنی على ثقافة عامة متعارف علیها فزادت الخلافات والمشاجرات بین افراد الاسرة وخاصة الزوجین مما أدى إلى الانفصال ( الطلاق).   وتکمن مشکلة الدراسة بالإجابة عن التساؤل الرئیس الاتی: ما العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 ؟

أهداف الدراسة

1)   التعرف أهم العوامل الاجتماعیة ذات العلاقة بظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی.

2)   الکشف عن تأثیر العوامل الثقافیة على انتشار ظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی.

3)   التعرف انعکاس التغیر الاجتماعی على انتشار ظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی .

4)   التعرف الاختلافات فی اعداد حالات الطلاق خلال سنوات الدراسة مع تفسیر هذه البیانات.

5)   الکشف عن الفروق فی تأثیر العوامل الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة وبین متغیرات: (العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری).

تساؤلات الدراسة

1)     ما هی أهم العوامل الاجتماعیة ذات العلاقة بظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی؟

2)     ما تأثیر العوامل الثقافیة على انتشار ظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی؟

3)     ما انعکاس التغیر الاجتماعی على انتشار ظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی ؟

4)     ما الاختلافات فی اعداد حالات الطلاق خلال سنوات الدراسة مع تفسیر هذه البیانات؟

5)     هل ثمة فروق فی تأثیر العوامل الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة وبین متغیرات: (العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری)؟

فرضیات الدراسة

لا یوجد فروق ذات دلالة احصائیة عند المستوى الف اقل او تساوی 5% فی مدى انعکاس العوامل الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی یعزى للمتغیرات الآتیة: (العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة).

أهمیة الدراسة

الأهمیة النظریة

 سیستفید من الدراسة الباحثین والطلبة والمهتمین بدراسة الظاهرة وسیتم وضعها فی المکتبة بعد نشرها لتکون دراسة سابقة یرجع الیها کل من یرید الاستفادة من نتائج الدراسة.

الأهمیة التطبیقیة

ستقدم نتائج الدراسة بعض الاستراتیجیات التی تساهم فی الحد من انتشار ظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی، وتحاول وضع بعض الحلول فی کیفیة التعامل مع التغیر الاجتماعی والانفتاح الثقافی الذی طرأ على افراد المجتمع الفلسطینی عن طریق تطور الوسائل التکنولوجیة بکافة وسائلها لتقلیل التوتر الذی نتج عنه مشاجرات عائلیة بین طرفی العلاقة الزوجیة وأدى للانفصال (الطلاق ) بینهما.

حدود الدراسة

الحدود الجغرافیة: سیتم تطبیق الدراسة فی محافظة الخلیل ومحافظة بیت لحم فی جنوب الضفة الغربیة.

الحدود البشریة: ستجری الدراسة على المطلقات والمطلقین من کلا الجنسین من عام 2013 لغایة عام 2016.

الحدود الزمانیة: بدأت الدراسة فی شهر کانون الاول من العام 2017 وانتهت فی شهر تشرین الثانی من العام 2018.

مصطلحات الدراسة

الطلاق لغةً: للطلاق فی اللغة معان متعددة منها: التخلیة وإزالة القید ویقال: طَلقْتْ الناقة إذا سُرِحَت حیث شاءت، أو أُرسِلت بلا قید، ومنه طلقت المرأةً وطلقت –بفتح اللام وضمها –تخلت عن قید الزوج.( ابن منظور،  بدون سنة نشر: 1167).

الطلاق اصطلاحاً: (divorce): هو حل القید بطلقة، ومنها قول العرب طلقت الأسیر أو أطلقته، ویعرفه الفقهاء بأنه "رفع القید فی الزواج الصحیح فی المال أو المآل، بلفظ یفید ذلک صراحة أو کنایة، أو بما یقوم مقام اللفظ من الکنایة أو الإشارة" (اسماء بنت قریان الرویلی، 2005: 9 ).

الطلاق اجرائیاً: ظاهرة اجتماعیة تنبع من المجتمع، وتنجم عن علاقات اجتماعیة غیر سلیمة^، وهو مرض اجتماعی خطیر إذ أنَّه یعنی تحطیم الزواج والأسرة والروابط الأساسیة للمجتمع ویکون ثمناً للزواج غیر المرغوب فیه ویعدّ نقیض الزواج.

العوامل الاجتماعیة اصطلاحاً: (Social factors) هی الأسباب المرتبطة بحیاة الأفراد، ومستوى الدخل المادی والالتزام بالشعائر الدینیة والقدرة على تأمین متطلبات الأسرة واحتیاجاتها المادیة الضروریة لاستمرارها وضمان قیامها بدورها فی المجتمع بشکل صحیح، وقلة تأمینها یساهم فی حصول الطلاق مثل تدخل أهل الزوج أو الزوجة فی الحیاة الأسریة.                      (سلوى عبد الحمید احمد الخطیب، 2009: 27).

العوامل الاجتماعیة اجرائیاً: مجموعة من الظروف التی تحیط بشخص معین وتمیزه عن غیره فیخرج منها تبعاً لذلک سائر الظروف العامة التی تحیط بهذا الشخص وغیره من سواء الناس وتقتصر الظروف الاجتماعیة هنا على مجموعة من العلاقات التی تنشأ بین الشخص وبین فئات معینة من الناس یختلط بهم اختلاطاً وثیقاً سواء کانوا أفراد أسرته أو مجتمعه أو مدرسته أو الأصدقاء الذین یختارهم.

العوامل الثقافیة اصطلاحاً: (Cultural factors) الثقافة بشقیها المادی والمعنوی هی العامل الأقوى فی إحداث التغیرات الاجتماعیة، فعندما تحدث تغیرات ثقافیة فی مجتمع معینة تتبعها تغیرات اجتماعیة بالضرورة کالتغیر فی العلاقات والعادات والتقالید والبنى الاجتماعیة، وتقوم العوامل الثقافیة بدفع التغیر الاجتماعی واکتسابه صفة الاستمراریة على القیم، والتقالید، والعادات، والمثل العلیا، والمعتقدات الدینیة وبالتالی على طرق تفکیر الفرد فی ادارة شؤون حیاته. (ذیاب عیوش، 2015: 220).

العوامل الثقافیة اجرائیاً: الافکار والمعتقدات والقیم هی التی تحدد هویة الفرد وشخصیته وتجعله جزءاً من الحیاة الکلیة للجماعة التی ینتمی الیها، ومن الطبیعی ان تقع خلافات داخل الجماعة الواحدة کما یحدث فی الجماعات التی تنتمی الى ثقافات مختلفة، ولکنها حتماً لا تتخذ المنحى المتطرف.

التغیر الاجتماعی اصطلاحاً: (Cultural factors) هو وضع جدید یطرأ على البناء الاجتماعی، والنظم، والعادات، وأدوات المجتمع نتیجة لتشریع أو قاعدة جدیدة لضبط السلوک، أو کنتاج للتغیر إما فی بناء فرعی معین أو جانب من جوانب الوجود الاجتماعی، او التحول التلقائی المخطط الذی یطرأ على البنى التحتیة والفوقیة للمجتمع، إذ تتحول من نمط بسیط إلى نمط معقد.(مهتاب احمد اسماعیل ابو زنط، 2016: 33)

التغیر الاجتماعی اجرائیاً: التغیرات التی تطرأ على البناء الاجتماعی والنظم الاجتماعیة التی یتکون منها المجتمع نتیجة اندماج ثقافات متعددة خارجیة وداخلیة، مثل: الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعی وشبکة الانترنت وغیرها، تؤثر فی قرارات الافراد وخاصة فی عملیة الزواج والطلاق.

الاطار النظری والدراسات السابقة

هناک عدة نظریات قامت بتفسیر ظاهرة الطلاق ومنها: ( نظریة التعلم، ونظریة التبادل، ونظریة البنائیة الوظیفیة، ونظریة التفاعلیة الرمزیة).

 ترجع نظریة التعلم: (Learning Theories) الطلاق الى عدم حصول کل من الزوجین على الإثابة من الآخر، وذلک لشعورهما بالحرمان من إشباع حاجاتهما فی الزواج او تعرضهما للعقاب وشعورهما بالتوتر والقلق فی تفاعلهما معاً، مما یجعل استمرار علاقتهما الزوجیة شیئاً مؤلماً لا یقدران على تحمله، فیکون الطلاق وسیلة لتخلیصهما من مشاعر الحرمان والتوتر والقلق فی وجودهما معاً، وقد یکون الطلاق فی هذه الحالة طریقة لمساعدة کل منهما فی الحصول على فرصة أخرى فی الزواج من شخص آخر فکل شخص (طبقاً لهذه النظریة) یترک العلاقة الزوجیة التی حرم فیها من اشباع حاجاته الجسمیة والنفسیة والاجتماعیة والاقتصادیة. (مرسی کمال، 1991: 301).

تنطلق فکرة نظریة التبادل: (Socialexchangetheory) من عدة مضامین  تشمل: ندرة محاولة الفرد الانتفاع المادی بالدرجة القصوى. وعدم تصرف الافراد بشکل عقلانی دائماً. ویخضع تبادل الافراد للتأثیر والتأثر بالمؤثرات الخارجیة المنظمة. وعدم وجود معلومات کافیة لدى الافراد لجمیع البائل الجاهزة والموجودة بالفعل.

هذه المضامین تنطبق على کل فعل اجتماعی یقوم به افراد المجتمع، فالزاج والطلاق والاسرة وعلاقة المودة التی یسعى الیها الافراد من خلال الزواج، جمیعها تقع فی خانة المنفعة التی تؤکد علیها نظریة التبادل، فمدى جاذبیة الزواج الحالی تتوقف على المزایا والعیوب التی یراها الازواج فی زواجهم. (عبد الله، محمد الصافی عبد الکریم، 2012: 39-93).

وقدم بیتر بلاو (peter Blau.1964) فکرته فی نظریة التبادل فی الحیاة الاجتماعیة معتبراً إیاه المبدأ الرئیس الذی تنهض علیه الطبیعة البشریة، إذ یؤدی هذا التبادل إلى استقرار البناء الاجتماعی کما انه یؤدی إلى حدوث عملیة التغیر، فبالرغم من ان بیتر بلاو یبدأ بدراسة عملیة التبادل الاجتماعی وتحلیلها على مستوى العلاقات الفردیة، إلا أنه یعمل على تجسیر العلاقة بین هذا المستوى الأولی ومستوى التنظیمات والمجتمع، ویرى بلاو أن عملیة التبادل تتم فی أساسها بافتراض الأفعال الطوعیة، فترتبط الحوافز والاختیارات فیها بالمردود المتوقع من قبل الآخرین، وفی تناوله لعملیة التبادل الاجتماعی ینظر بلاو إلى الحیاة الاجتماعیة کسوق تفاوض تتیح للإنسان الاختیار من بین بدائل عدة.

یتضح ان نظریة التبادل تفسر حدوث الطلاق عندما تتعذر الحیاة الزوجیة بین الطرفین وتصبح الحیاة ملیئة بالمشکلات والمشاحنات فإن المرأة تحاول أن تحسب مقدار الخسائر المترتبة من هذا الطلاق ومقدار المکاسب فإذا أحست أن مکاسبها من الطلاق تفوق خسائرها فأنها تتخذ قرار الطلاق والعکس صحیح إذا کانت الخسائر أکثر من المکاسب فإنها ستستمر فی حیاتها الزوجیة ، وأن هذه المکاسب أو الخسائر لیست هنا مادیة فقط و أنما هی مادیة أو معنویة أو اجتماعیة .

ترى النظریة البنائیة الوظیفیة: ((Functional structural theory أن المجتمع أو النسق الاجتماعی یتکون من نظم متعددة أهمها الأسرة والنظام الاجتماعی جماعه من الناس تتنظم حول هدف محدد یرى الوظیفیون أن المجتمع یعمل کاملة لقیام الکائن الحی بوظائفه ویشیر بالملیلة العضویة وأن النظم الاجتماعیة تقوم بأداء وظائفها معاً من أجل مصلحة المجتمع ککل. (مصطفى عبد الجواد،2009:63-64).

یقول تالکوت بارسونز فی کتابه " النسق الاجتماعی" لا بناء بدون وظائف اجتماعیة ولا وظائف بدون بناء اجتماعی،  وهذا یدل على وجود علاقة متفاعلة بین البناء والوظیفة وأن هناک درجه عالیة من التکامل بینهما، اذ لا یستطیع الفصل مطلقاً بین البناء والوظیفة. (احسان محمد الحسن،2005: 50)

أی أن نظام الأسرة هو نظام فرعی داخل النظام الاجتماعی الرئیس، وله بناء، وکل جزء فی هذا البناء له وظائف، وأی خلل فی البناء أو الوظائف قد یعرض الأسرة الى الطلاق، ذلک أن نظام الأسرة مرتبط بالمجتمع، وأی خلل فی أی منها یؤثر على کافة أجزائه، إذ أن أی خلل فی هذا البناء یؤثر على باقی أفراد المجتمع، وبهذا یکون تأثیره المباشر على الأسرة الصغیرة مما یؤدی إلى الطلاق.

یرى علماء النظریة التفاعلیة الرمزیة: (Symbolic Interactionalism) أن الأسرة یجب أن لا تدرس کنموذج مثالی بل یجب أن تدرس کما هی فی الحیاة الیومیة فلیس هناک أسرتین متشابهتین لدرجة التطابق فکل أسرة لها علاقتها الخاصة بها والتی تمیزها عن الأسر الأخرى، وتلعب الأسرة دوراً مهما فی تلقین الأفراد أدوارهم المستقبلیة، وکل أسرة لها مجموعة من الرموز والمعاییر التی تعلمها لأبنائها فی مرحلة الصغر وهذه الرموز والمعانی تختلف من أسرة لأخرى، فالفرد یحاول أن یستوعب الدور المتوقع منه أولاً ثم یحاول من خلال تعامله الیومی مع الآخرین إدخال بعض التعدیلات على دوره وفقاً للرموز التی اکتسبها فی مرحلة الصغر ووفقاً للظروف المحیطة به لذلک نجد أن کل علاقة زوجیة تختلف عن العلاقات الزوجیة الأخرى وکلما کانت المعانی والرموز التی اکتسبها الزوجین من أسرهما متقاربة ساعد ذلک على تحقیق التفاهم بینهما والعکس صحیح، وکلما کانت الرموز والمعانی متباعدة بل متنافرة بین الزوجین أدى ذلک إلى خلق فجوة بینهما مما یؤدی إلى الطلاق. (سلوى، الخطیب، 2007:                     211-2013).

ترکز التفاعلیة الرمزیة فی دراستها للأسرة علی طبیعـة التفاعل بین الأفراد فی العلاقات الزوجیة، ذلک أن تفاعـل أفراد الأسرة یعتمد على الأدوار الاجتماعیة التی یقوم بها کل منهم، فکل فرد فی الأسرة سواء کان الزوج أو الزوجة أو الأبناء له / لها عدة أدوار علیه القیام بها، وتلعب الأسرة دوراً مهما فی تحدید الأدوار التی یتوقع من الأفراد القیام بها کدور الأب والأم والأب والأبن والابنة وغیرهم . وأن الأفراد عادة لا یقومون بأداء الأدوار المتـوقـع منهـم أداؤهـا کمـا یجب، فالفـرد یحـاول أن یستـوعب الـدور المتـوقـع منـه أولا ثـم یحـاول مـن خـلال تعامـلـه  الیومی  مـع الآخـرین إدخـال  بعض التعـدیـلات  على دوره وفقـا للـرمـوز التی اکتسبها فی مرحـلة الصغر ووفقا للظروف المحیطة به، لذلک نجـد أن عـلاقـة کل زوجین تختـلف عن عـلاقة الأزواج الآخرین. ومن أهم التحدیات التی تواجه الأسرة هی مشکلة  تکیف الأدوار إذ لا یکفى إدراک الفرد للسلوک المتوقع منه ولکن یعتمد على مدى تقبله لهذا الدور فلا یکفی أن یکون الزوجان من خلفیة ثقافیة واحدة  لنجاح الحیاة الزوجیة ، بل لا بد  أن  تکون أدوارهـم  المستقبلیة امتـداداً  للأدوار التی عـایشوهـا  فی السابـق،  فالشـاب یتأثـر بسلـوک والـدیه ویکتسب منهمـا القـدوة لسلوکـه فی المستقبـل فإذا ما کانت الجماعـة المرجعیـة للزوجین مختلفة تماماً فمـن الصعب تکوین  أرضیـة مشترکة بینهما لاختلافهما الثقافی والاجتماعی.

وقد وضع سورکین (Soroken،  1937) تصنیفاً  تصوریاً للمتغیرات المؤثرة فی ایه ظاهرة من الظواهر الاجتماعیة وحدد هذه الظواهر على النحو الآتی:

1)     متغیرات ثقافیة: وتتضمن اللغة والدین والقیم والمعاییر والعادات والتقالید وعناصر الثقافة المادیة کالمخترعات والأسالیب التکنولوجیة وغیرها.

2)     متغیرات نفسیة: ترتبط بالشخصیة الانسانیة للفرد بصفة أساسیة، وبخاصة الدوافع والانفعالات والغرائز.

3)     متغیرات اجتماعیة: تشمل مجموعة تفاعلات البشر وعلاقاتهم المتبادلة، کما تشمل کل ما یتعلق بالإنسان من ارتباطات مهنیة وثقافیة واقتصادیة وسکنیة.

اذا یعتب التغیر فی میدان الحیاة الاجتماعیة عاملاً أساسیا یترتب علیه ضرورة تکیف الأفراد ومرونتهم وفقاً لما تتطلبه من المستحدثات. ومن المظاهر التی صاحبت التغیر الاجتماعی ظاهرة الطلاق، ویعود سبب ظهورها بشکل واسع فی العصر الحالی الى عدم مسایرة العلاقات الأسریة للتغیر الذی حدث فی المجتمع، وکذلک نتیجة لتمسک الرجل بسلطاته التقلیدیة.

کما تشیر بیانات المحاکم الشرعیة فی فلسطین حسب بیانات الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی لعام 2017 إلى أن نصف حالات الطلاق تتم قبل الزواج بین الخاطبین، وهو ما یعنی أنها بین جیل الشباب، ویُرجع بعض المختصون ذلک إلى عدة أسباب أبرزها وسائل التواصل الاجتماعی،  وتفید بیانات الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی لعام 2016 إلى أن عدد عقود الزواج المسجلة بلغت فی ذلک العام (49930) منها (30827) فی الضفة الغربیة المحتلة و(19103) فی قطاع غزة. بینما سجلت المحاکم (8510) حالات طلاق فی نفس الفترة منها (5165) فی الضفة و(3345) فی غزة، وبلغ معدل الطلاق قبل الدخول (51%) فی الضفة و(43.1%) فی غزة، وتلفت البیانات إلى معدلات الطلاق إلى نحو 20% فی العام 2015، لکنها عاودت الانخفاض إلى نحو 17% عام 2016، ولکنها تبقى مرتفعة مقارنة بالأعوام السابقة. (الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، 2017)

وبلغ عدد وقوع الطلاق المسجلة فی المحاکم الشرعیة الفلسطینیة من العام 2013 لغایة العام 2016 فی محافظتی بیت لحم والخلیل فی جنوب الضفة الغربیة  (4443)  واقعة، منها (856) واقعة فی بیت لحم، و(3587 ) واقعة فی الخلیل،  والجدول الآتی یبین توزیع حالات وقوع الطلاق فی کلتا المحافظتین من عام 2013 لغایة العام 2016.

جدول رقم (1)

عدد حالات الطلاق فی محافظة بیت لحم والخلیل من عام 2013 لغایة عام 2016

الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، کتاب فلسطین الاحصائی السنوی، کانون أول/ دیسمبر 2017.

وتلفت البیانات إلى ارتفاع معدلات الطلاق عموما من 16% عام 2013 إلى نحو 20% فی العام 2017، وهی بذلک مرتفعة مقارنة بالأعوام السابقة. (الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، 2017)

مر المجتمع الفلسطینی بجملة من التغیرات الاجتماعیة والثقافیة کان لها الأثر فی زیادة حالات الطلاق ومنها:

1)   التغیر التکنولوجی الذی کان مصحوباً بتغیرات اجتماعیة أدى إلى تطور الأسرة فغیر من اتجاهاتها ودفع بالمرأة الى الاختلاط والالتحاق بالأعمال لکی تکسب منها دخلاً مستقلاً تعول نفسها ومن المحتمل فی ضوء ذلک أن الروابط الأسریة ستضعف، الأمر الذی یؤدی إلى احتمال ظهور مشاکل وتوترات فی جو الأسرة مما یؤثر على تماسکها ویوصلها إلى الطلاق.

2)   التغیر فی مکانة المرأة وعملها وتعلیمها وإعطائها الفرصة للاختلاط بالرجال فی المیادین المختلفة وإتاحة فرص مواصلة التعلیم العالی والاستقلال المادی والتغیر الإیدیولوجی جعلها لا تتحمل زواجا لا تتوافر فیه مقومات الاطمئنان فتسارع لإنهاء مثل هذا الزواج بطلب الطلاق .

3)   التغیر القیمی والمقاییس التی یقاس علیها الزواج الناجح،  فالقیم العائلیة واهدافها قلت أهمیتها بالنسبة لأفراد العائلة وانتشر الزواج المبنی على اساس الحب الرومانسی والذی ادى الى ازدیاد عدد حالات الطلاق.

4)   ان الطلاق فی المجتمع الفلسطینی تترتب علیه بعض المشکلات والاثار السلبیة على الأسرة والمجتمع وتنعکس تلک الآثار على الاطفال من الناحیة النفسیة والاجتماعیة والتربویة بدءاً من الاضطرابات النفسیة إلى التشرد والانحراف والجریمة وغیر ذلک.

5)   تتعدد المتغیرات المرتبطة بظاهرة الطلاق فی المجتمع الفلسطینی حسب ما أوردة قاضی المحکمة الشرعیة فی مدینة بیت لحم بین اجتماعیة، واقتصادیة، وثقافیة، ونفسیة، وتربویة  وبنفس مقدار التعدد فی هذه المتغیرات والعلاقات المتشابکة بینها تتعدد وجهات النظر الى هذه الظاهرة واسبابها.

آثار الطلاق على المرأة فی المجتمع الفلسطینی

الطلاق یسبب للمرأة التعاسة طیلة حیاتها فنسمع أنَّ فلانة من الناس طلقت ولدیها طفل أو اثنان، ما یعنی أنَّ عمرها لم یتجاوز الخامسة والعشرین أو اقل من الثلاثین، فتصبح فی غالب الأحوال تعیسة إنْ بقیت بدون زواج، وتعیسة إنْ تزوجت، فمن یتزوج بها لنْ یکون بمثابة والد أبنائها حتى وإنْ ادعى ذلک، وإنْ بقی أبناؤها مع والدهم فستکون هی مشغولة الذهن علیهم وهی معذورة فی ذلک، فالإنسان ینشغل باله على أبنائه وهم حوله فکیف وهم بعیدون عنه.

 وتعدّ المرأة المطلقة مدانة فی کل الأحوال، فی مجتمعنا الفلسطینی کونها الجنس الأضعف، والکل ینظر إلیها على أنَّها هی السبب فی طلاقها.

ویحاصر المجتمع المطلقة بنظرة فیها ریبة وشک فی سلوکها وتصرفاتها ما تشعر معه بالذنب والفشل العاطفی وخیبة الأمل والإحباط وهذا یزیدها تعقیداً ویؤخر تکیفها مع واقعها الحالی فرجوعها إذنْ إلى أهلها بعد أنْ ظنوا أنَّهم ستروها بزواجها وصدمتهم بعودتها موسومة بلقب (مطلقة) الردیف المباشر لکلمة (العار) عندهم وأنَّهم سیتنصلون من مسؤولیة أطفالها وتربیتهم وأنَّهم یلفظونهم خارجاً ما یرغم الأم فی کثیر من الأحیان على التخلی عن حقها فی رعایتهم إذا لم تکن عاملة أو لیس لها مصدر مادی کافٍ لأنَّ ذلک یثقل کاهلها ویزید معاناتها، أمَّا إذا کانت عاملة أو حاملة لأفکار تحرریة فتکون معرضة إلى ألسنة السوء فتکون المراقبة أشد والحراسة أکثر إیلاماً.

کذلک فإنَّ الطلاق یترک آثاراً سلبیة على المطلقة من النواحی النفسیة والاجتماعیة لا سیما إذا کانت غیر متعلمة ولا تستطیع الاعتماد على نفسها من الناحیة الاقتصادیة، کما أثبتت نتائج بعض الدراسات أنَّ المطلقین أکثر قلقاً واکتئاباً من المتزوجین وأنَّهم معرضون لصحة أسوأ وانهیار واعتلال صحی، وأکثر انفعالیة وعرضة للضغوط النفسیة. والنساء المطلقات أکثر تعرضاً للاکتئاب والحزن والقلق والغضب، وینعکس ذلک على الأبناء الذین یشعرون بعدم الأمن والاستقرار، فیصبحوا أقل ثقة فی النفس وأقل تکیفاً مع علاقاتهم الاجتماعیة.( غنی ناصر حسین القریشی، 2014: 263-265)

ولیس من شک أنَّ الآثار المدمرة للطلاق لا تقتصر فقط على الأطفال والمرأة، وإنَّما تشمل الرجل أیضاً، حیث یعانی هو الآخر منه، فقد کشفت أحدث الدراسات النقاب عن تزاید نسبة الرجال المطلقین الذین یعانون أمراضاً جسدیة ومشکلات نفسیة بعد الطلاق، مقارنة بحالاتهم  قبل وقوعه، فالرجل غالباً ما یجد نفسه بعد الطلاق وحیداً، نتیجة طبیعة العلاقات الاجتماعیة التی یبنیها حوله، فهو یشعر بالخیبة لفقدان دوره بوصفه أب وزوج، ویصاب بالصدمة نتیجة شعوره بالمسؤولیة لانهیار الأسرة، إضافة إلى عدم السماح له قانوناً بحضانة الأولاد فی معظم الأحیان إلاَّ فی سن متأخرة للأبناء، وأنَّ الرجل المطلق یعانی غالباً من عدم القدرة على التکیف اجتماعیاً بعد الطلاق، کما یواجه صعوبات فی خوض التجربة مرة أخرى بوصفه رجلاً ( له ماضٍ). وتعلیقاً على هذا الموضوع، یؤکد (محمد خلیل أستاذ علم الاجتماع بجامعة عین شمس)، بحسب مجلة الجزیرة، أنَّ الزوج المطلق أکثر معاناة من المرأة التی غالباً ما تتأقلم مع وضعها الجدید، فالنساء أکثر قدرة من الرجال على تحمل صدمة الطلاق، فالرجال یمیلون عادة إلى کبت أحزانهم وعدم البوح بها للغیر کما تفعل معظم النساء، ما یعرضهم إلى أمراض جسدیة ومشکلات نفسیة عدیدة بعد الطلاق، وإنْ کان هذا لا ینفی وجود آثار إیجابیة یمکن أنْ تحدث نتیجة للطلاق، فقد یدفع الإحساس بالفشل الرجل إلى الثورة على نفسه، فیحاول الترکیز فی عمله وإثبات ذاته والتغلب على مرارة التجربة والخطأ (غنی ناصر حسین القریشی، 2014: 266).

  وتمتد آثار الطلاق المدمرة إلى المجتمع والتی تتجسد فی عدد من المخاطر لعلَّ أهمها: خروج جیل حاقد على المجتمع، بسبب فقدان الرعایة اللازمة له، وتزاید أعداد المشردین، وانتشار جرائم السرقة والاحتیال والنصب والرذیلة، وزعزعة الأمن والاستقرار فی المجتمع، فضلاً عن تفککه. فالطلاق یسبب اختلالاً فی کثیر من القیم التی یسعى المجتمع إلى ترسیخها فی أذهان أفراده وسلوکیاتهم مثل: الترابط والتراحم، والتعاون، والتسامح، ومساعدة المحتاج والوقوف معه فی حالات الشدة... وغیرها من القیم الإیجابیة المهمة فی تماسک المجتمع واستقراره. إذ یوَّلد الطلاق إحباطاً نفسیاً قوی التأثیر فی کل فرد من أفراد الأسرة المطلقة، قد یجعل بعضهم یوجه اللوم إلى المجتمع الذی لم یساعد على تهیئة الظروف التی تقی من الطلاق والتفکک، فیتحول اللوم لتلک القیم التی یدافع عنها المجتمع، ویسعى الفرد للخروج علیها وعدم الالتزام بها بوصفه نوع من السلوک المعبر عن عدم الرضى غیر المعلن، کما قد یظهر الفرد نوعاً من السلوک الثقافی المنافی لِما هو متعارف علیه فی مجتمعه بعدَّه رد فعل لعدم الرضى عن المجتمع وثقافته، فقد نجده یمجد الثقافة الوافدة على حساب ثقافة مجتمعه. (غنی ناصر حسین القریشی، 2014: 267)

الدراسات السابقة                                                                           

دراسة عبد الرازق المالکی (2001) بعنوان: "ظاهرة الطلاق فی دولة الامارات العربیة المتحدة، الأسباب والاتجاهات والمخاطر والحلول"، هدفت الدراسة التعرف على أهم الأسباب المؤدیة للطلاق وتأثیرها فی المطلقات، واستعان الباحث بالمنهج الوصفی، واستخدم الباحث أداة الاستبانة لجمع البیانات، وطبقت على عینة مقدارها (310) من النساء المطلقات. وخلصت إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     أن معظم المطلقات هن فی مقتبل العمر وسن العطاء، وبینت الدراسة أن النساء الأقل تعلیماً وعملاً هن من أکثر المطلقات.

2)     هناک أهمیة للمسکن وطبیعة المسکن وأثرة فی ظاهرة الطلاق وهو یعد سبب من أسباب الطلاق وضیق المسکن الایجار عدم وجود مسکن وطبیعته کل هذا یؤدی الى الطلاق.

3)     إن النسبة الأکبر من الطلاق وقع بناء على طلب من المطلقات.

دراسة دانا أسعد (2007) بعنوان: "تأثیر الطلاق على تفاعل المرأة المطلقة الاجتماعی فی مدینة الزرقاء" هدفت الدراسة معرفة مدى تأثیر الأبعاد الاجتماعیة والنفسیة للطلاق على التفاعل الاجتماعی للمرأة المطلقة فی مدینة الزرقاء، إضافة إلى التعرف على علاقة بعض المتغیرات الکمیة ذات الصلة بالمطلقة (العمر، المستوى التعلیمی، الدخل، عدد سنوات الطلاق، عدد الأبناء، طبیعة العمل، عدد أفراد الأسرة) مع تفاعلها الاجتماعی. واستخدم الباحثة أداة الاستبانة ووزعت على عینة عشوائیة من المطلقات وبلغ عددهن (212) مطلقة ممن ترددن على مرکز التوعیة والارشاد الأسری فی مدینة الزرقاء من أجل تقدیم النصح والإرشاد الأسری لهن بعد الطلاق منذ عام 1996-2006. وخلصت  الدراسة إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     أبرز المشکلات الاجتماعیة التی تواجه المرأة بعد طلاقها هو نظرة الآخرین لها، حیث اتسمت هذه النظرة (بالشهوة والرغبة الجنسیة، والشفقة، وقلة الاحترام والتقدیر) مما یحد من تفاعلها الاجتماعی ویجعلها تمیل إلى العزلة والوحدة.

2)     بینت الدراسة أیضاً تراجعاً فی العلاقات الاجتماعیة المطلقة وخاصة مع أقاربها (الأعمام والأخوال).

3)     وجود علاقة ذات دلالة إحصائیة بین المستوى التعلیمی للمرأة المطلقة وتفاعلها الاجتماعی، حیث ثبت إنه کلما زاد مستوى تعلیم المطلقة زادت نسبة تفاعلها الاجتماعی بعد طلاقها.

4)     عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائیة بین المتغیرات النوعیة الدیموغرافیة التالیة (عدد أبناء المطلقة، العمل، الدخل، عدد سنوات الطلاق، عدد أفراد أسرة المطلقة )                          وتفاعلها الاجتماعی.

5)     إن الطلاق ترک تأثیرات سلبیة اجتماعیة ونفسیة واقتصادیة واضحة على تفاعل المطلقة مع محیطها الاجتماعی وبخاصة فی مدینة کالزرقاء تتسم بالاکتظاظ السکانی وتدنی مستوى الدخل.

دراسة فهمی سلیم غزوی (2007): بعنوان " الاسباب الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق فی شمال الاردن- دراسة میدانیة فی محافظة اربد"، هدفت الدراسة الکشف عن أهم العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة التی تؤدی إلى وقوع الطلاق فی شمال الاردن، وتکون مجتمع الدراسة من جمیع المطلقین والمطلقات فی محافظة اربد وبلغ عددهم الاجمالی (1381)، واستعان الباحث بالمنهج الوصفی، واستخدم الباحث الاستبانة کأداة لجمع البیانات، وطبقت على عینة مقدارها (170) حالة. وخلصت الدراسة إلى أهم النتائج الآتیة:

1)   هناک علاقة بین قصر الخطوبة ووقوع الطلاق.

2)   هناک علاقة بین عمل المرأة وحدوث الطلاق.

3)   أهم الاسباب للطلاق: الغیرة الشدیدة، الأمور المادیة، تدخل الأهل، العنف، کثرة النقاش والحوار، البعد عن الدین، منع الزوجة من زیارة أهلها، خروج الزوج وعدم اهتمامه بالمنزل، الإساءة فی اختیار الزمجة، شرب الخمر.

4)   أهم اسباب الطلاق من وجهة نظر المطلقین: الزواج بالإکراه، الخروج عن المألوف، العادات والتقالید، عدم الالتزام بالبس الشرعی، الشک عند الزوجین، العاطفة الجارفة وعدم اتخاذ القرار بتعقل، وجود الهاتف الخلوی مع الزوجة، رغبة الرجل بزواج من امرأة متحررة.

دراسة تان واستن (Tan Wasten، 2008) بعنوان: "المشکلات التی تواجه الأرامل والمطلقات فی المجتمعات الغربیة "، هدفت التعرف على المشکلات والتحدیات التی تتعرض لها الأرامل فی المجتمعات الغربیة، وکذلک المطلقات وسبل حل هذه المشاکل، واستعان الباحث بالمنهج الوصفی، واستخدم الباحث الاستبانة لقیاس المشکلات، وطبقت على عینة مقدارها (500) امرأة مقسمة إلى (250) مطلقة (250) أرامل. وخلصت الدراسة إلى أهم                      النتائج الآتیة:

1)   المرأة سواء کانت مطلقة أو أرملة أو متأخرة فی الزواج هو أمر أن ترکته تمادى وتفشى حتى یصبح أمراً مفروغ منه.

2)   أغلب المتحرشین والملاحقین للمرأة فی بعض دوائر الدولة مثلاً، هم من المتزوجین والمتوسطی الأعمار بل ویشارکهم الکبار فی العمر أیضاً باصطیاد إحداهن، ومحاولة إیقاعها وخاصة المدراء وذوی المناصب العلیا.

3)   سبل هذه المشاکل بین المطلقات والأرامل یصعب لوجود کثیر من المفترسین فی المجتمع الغربی.

دراسة خالد بن عمر الردیعان (2008): دراسة بعنوان "طلاق ما قبل الزفاف: أسبابة وسمات المطلقین"، هدفت الدراسة معرفة أسباب هذا النوع من الطلاق السریع جدا، وظروف وقوعه ومعرفة سمات المطلقین، واستخدمت الدراسة المنهج الوصفی، واستعانت بأداة المقابلة المتعمقة لجمع البیانات من المیدان، وتکونت عینة الدراسة من (11) حالة من المطلقین فی مدینة الریاض تم انتقاءهم من (23) حالة خضعت للدراسة. وخلصت الدراسة إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     تبریر اتخاذ قرار الطلاق کعدم ارضا عن طریقة اختیار الشریکة وعدم التجانس الفکری     بین الطرفین.

2)     ان البعض منهم استخدم الفترة الواقعة بین عقد القران ولیلة الزفاف کفترة تعارف مکنتهم من معرفة شریکاتهم لیقرروا بعد ذلک عد الاستمرار فی العلاقة ما دفعهم لاتخاذ قرار الطلاق فی مرحلة مبکرة تجنباً لصعوبات مستقبلیة فیما لو تم الزواج.

3)     تم التعبیر عن ثقافة جیل یتأرجح بن تقالید الماضی ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الذی لا یوفر لهم رغم ذلک الا خیارات محدودة وهی مفارقة.

دراسة سلوى عبد الحمید الخطیب (2009): بعنوان" التغیرات الاجتماعیة وأثرها فی زیادة معدلات الطلاق على المجتمع السعودی من وجهة نظر المرأة السعودیة"، هدفت الدراسة الکشف عن أثر التغیرات الاجتماعیة التی اجتاحت المجتمع السعودی فی ارتفاع معدلات الطلاق فی المجتمع السعودی، حیث تشیر الإحصاءات الرسمیة إلى ارتفاع معدلات الطلاق بمعدل 4٪ من عام 1993 إلى عام 2001م، ونسبة الطلاق إلى الزواج تقرب من 21٪، ومعرفة أهم عوامل الطلاق من وجهة نظر مجموعة من النساء السعودیات المطلقات، وإلقاء الضوء على أهم العوامل الاجتماعیة التی أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق فی المجتمع السعودی. واستعانت الدراسة بمنهج دراسة الحالة کمنهج رئیسی لجمع البیانات، واستخدمت الدراسة المقابلة المتعمقة لمجموعة من السیدات المطلقات فی مدینة الریاض، والاستبیان ذو الأسئلة المفتوحة. والعینة التی استخدمت عینة الکرة الثلجیة؛ باغت (30) سیدة مطلقة، وخلصت الدراسة الى أهم النتائج الاتیة:

1)     أن أهم أسباب الطلاق من وجهة نظر المرأة السعودیة: عدم تحمل المسئولیة، الجفاف العاطفی، سوء الطباع، الخیانة الزوجیة، اختلاف طباع الزوجین، تدخل الأهل، الإدمان، المشاکل الجنسیة، عدم الإنجاب، زواج المسیار.

2)     أن ظاهرة الطلاق تأثرت بظروف العصر وأصبح هناک الطلاق السریع مثل                   الوجبات السریعة.

3)     لا یتم الطلاق نتیجة لعامل واحد فقط، بل لعدة عوامل مترابطة.

4)     عدم توفر بدائل أمام المرأة یجبرها على البقاء فی زواجها الفاشل لفترة أطول، لکنه لا یمنع حدوث الطلاق.

5)     من أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق بصفة عامة هی: اختلاف مفهوم المرأة للعلاقة الزوجیة عن الرجل، ووجود بدائل أخرى أمام المرأة ساعدها على اتخاذ قرار الطلاق لکنه لیس السبب فی الطلاق.

دراسة محمد سعید محمد الغامدی (2009): بعنوان " التکیف الاجتماعی والاقتصادی والنفسی للمرأة المطلقة فی محافظة جدة"، هدفت الدراسة معرفة مدى تکیف المرأة المطلقة مع حیاتها الجدیدة واندماجها بها، واعتمدت الدراسة على منهج المسح الاجتماعی، ومنهج دراسة الحالة، وطبقت على عینة من النساء السعودیات المطلقات وبلغ عددهن (100) مطلقة فی محافظة جدة، وخلصت الدراسة إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     أن المرأة المطلقة تتلقى معاملة غیر ایجابیة سواء من افراد اسرتها أو من المجتمع               المحیط بها.

2)     ان المطلقة توصم بما یعرف بالوصمة الاجتماعیة السلبیة التی تعتبرها غیر قادرة على تحمل مسؤولیة فی تکوین أسرة.

3)     المشکلات المالیة من أهم المشکلات التی تواجهها المطلقة بعد وقوع الطلاق فهی المسؤولة فی تحمل الصرف على جمیع الاحتیاجات لها ولأطفالها.

4)     المتاعب النفسیة والاحساس بالحزن والکآبة من أهم الآثار السلبیة والنفسیة التی تجعل المطلقة غیر قادرة على التکیف مع حیاتها الجدیدة.

دراسة ایمن الشبول (2010): بعنوان " المتغیرات الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق- دراسة انثروبولوجیة فی بلدة الطرة"، هدفت الدراسة وصف التحولات والتغیرات الاجتماعیة والثقافیة والاقتصادیة لظاهرة الطلاق ودورها فی تزاید نسبته فی بلدة طرة، واستعان الباحث بالمنهج الانثروبولوجی واستخدم الباحث الاخباریون واداة المقابلة المتعمقة فی جمع البیانات ولم یتم ذکر حجم العینة فی الدراسة. وخلصت الدراسة الى أهم النتائج الآتیة:

1)     وجود علاقة قویة بین ثقافة المجتمع وقیمة ومعتقداته وقناعاته وبین تزاید نسبة الطلاق.

2)     ان المشکلات الاسریة المنتشرة فی المجتمع هی ذات طبیعة قیمیة.

3)     النسق القیمی فی المجتمع وما یتضمنه من أفکار وقیم وعادات وتقالید عن الزواج، وطریقة اختیار الشریک، والعلاقة بین الزوجین، والصفات والطبائع الخاصة لکلیهما وتدخل الاهل تؤثر سلباً أو ایجاباً على طبیعة سیر العلاقة بینهما وبین المجتمع.

دراسة رانی اسمارتی (Rani Asmarti ،2012) بعنوان: "الوصمة الاجتماعیة التی تعانی منها النساء المطلقات فی شرق أسیا"، هدفت التعرف على الوصمة الاجتماعیة التی تأخذ على النساء المطلقات وتأثیرها علیهن فی المجتمعات المتواجدات فیها، استعان الباحث بالمنهج الوصفی، واستخدم أداة الاستبانة لجمع البیانات وطبقت على عینة مقدارها (300) امرأة مطلقة موزعات على مدن شرق أسیا بحیث تکون النسبة بین المدن 20 امرأة مطلقة من کل مدینة. وخلصت إلى أهم النتائج الآتیة:

1)     الوصمة الاجتماعیة التی تتعرض لها المرأة المطلقة سواء کانت وصمات عقلیة وجسمانیة بسبب کثرة الحدیث الذی یکون بسبب المجتمع العقیم الذی یوصل المطلقة إلى حالة یرثى لها.

2)     المشکلات التی تتعرض لها المطلقات فی شرق أسیا والعادات القاسیة الموجودة هناک التی تؤثر على المرأة.

تعقیب على الدراسات السابقة

1)     معظم المطلقات هن فی مقتبل العمر وسن العطاء، وهناک علاقة بین قصر الخطوبة ووقوع الطلاق.

2)     هناک أهمیة للمسکن وطبیعته وأثرة فی ظاهرة الطلاق وهو یعد سبب من أسباب الطلاق.

3)     أهم اسباب الطلاق من وجهة نظر المطلقین: العادات والتقالید، وعدم الالتزام بالبس الشرعی، والشک عند الزوجین، والعاطفة الجارفة، وعدم اتخاذ القرار بتعقل، ووجود الهاتف الخلوی مع الزوجة، ورغبة الرجل بزواج من امرأة متحررة، و الجفاف العاطفی، سوء الطباع، اختلاف طباع الزوجین، زواج المسیار، اختلاف مفهوم المرأة للعلاقة الزوجیة عن الرجل، ووجود بدائل أخرى أمام المرأة ساعدها على اتخاذ قرار الطلاق، الغیرة الشدیدة، الأمور المادیة، تدخل الأهل، العنف، کثرة النقاش والحوار، البعد عن الدین، منع الزوجة من زیارة أهلها، خروج الزوج وعدم اهتمامه بالمنزل، الإساءة فی اختیار الزمجة،               شرب الخمر.

4)     أن النسق القیمی فی المجتمع وما یتضمنه من أفکار وقیم وعادات وتقالید عن الزواج، وطریقة اختیار الشریک، والعلاقة بین الزوجین، والصفات والطبائع الخاصة لکلیهما وتدخل الاهل تؤثر سلباً أو ایجاباً على طبیعة سیر العلاقة بینهما وبین المجتمع.

5)     هناک تراجعاً فی العلاقات الاجتماعیة المطلقة وخاصة مع أقاربها (الأعمام والأخوال). وإن الطلاق ترک تأثیرات سلبیة اجتماعیة، ونفسیة، واقتصادیة واضحة على تفاعل المطلقة مع محیطها الاجتماعی.

6)     المرأة المطلقة تتلقى معاملة غیر ایجابیة سواء من افراد اسرتها أو من المجتمع المحیط بها.

7)     المطلقة توصم بما یعرف بالوصمة الاجتماعیة السلبیة التی تعتبرها غیر قادرة على تحمل مسؤولیة فی تکوین أسرة.

منهج الدراسة

تم الاستعانة بالمنهج الوصفی لوصف وتحلیل ظاهرة الطلاق وتفسیر أثر التغیر الاجتماعی على انتشار الظاهرة فی المجتمع الفلسطینی، وسیتم الاستعانة بمنهج دراسة الحالة للتعمق فی جمع البیانات من المیدان عن طریق المقابلة مع عینة الدراسة.

مجتمع الدراسة

 یتکون مجتمع الدراسة من جمیع المطلقات والمطلقین فی محافظات جنوب الضفة الغربیة محافظة بیت لحم ومحافظة الخلیل والبالغ عددهم حسب احصاءات المحاکم الشرعیة (4443 ) حالة، وذلک حسب احصاءات الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، 2017. والجدول  الآتی یبین الاحصاءات حسب الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی، کتاب فلسطین الاحصائی السنوی، کانون أول/ دیسمبر 2017.

جدول رقم (2)

الاحصاءات حسب الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی من عام 2013 لغایة عام 2016

اسباب اختیار الباحث لمجتمع الدراسة

1)   ازدیاد ظاهرة الطلاق فی السنوات الاخیرة فی المجتمع المدروس.

2)   قرب مکان سکن الباحث من مجتمع الدراسة.

3)   مجتمع الدراسة مجتمع محافظ بقیمة وعاداته وتقالیده ولدیة خصائص اجتماعیة لا تتوفر فی غیره.

4)   سهولة تنقل الباحث فی مجتمع الدراسة للوصول لعینة الدراسة وجمع البیانات من المیدان.

عینة الدراسة

تم الاستعانة بالعینة القصدیة وذلک لصعوبة الوصول الى جمیع حالات الطلاق فی مجتمع الدراسة، وبلغ حجم العینة الکلی لأداة الاستبانة (140) مطلق ومطلقة بنسبة مئویة بلغت 4% من مجتمع الدراسة، وبلغ حجم العینة لأداة المقابلة (26) مطلق ومطلقة، والجدول الاتی یبین خصائص العینة الدیمغرافیة.

جدول (3)

الأعداد والنسب المئویة لمتغیرات عینة الدراسة لأداة الاستبانة

جدول (4)

الأعداد والنسب المئویة لمتغیرات عینة الدراسة لأداة المقابلة

ادوات الدراسة

اعتمد الباحث بعد الرجوع للدراسات والمراجع المختصة ببناء أداة الاستبانة وأداة المقابلة کأداتین لجمع البیانات من المیدان، وتکونت أداة الدراسة الاستبانة فی صورتها النهائیة من قسمین: یتضمن القسم الأول من البیانات الأولیة عن المبحوث، أما القسم الثانی تضمن مجالات الدراسة وفقراتها، من ثم تم توزیعها على عینة الدراسة. وتکونت أداة الدراسة المقابلة من قسمین الاول البیانات الاولیة عن المبحوث والقسم الثانی تساؤلات الدراسة الرئیسیة.

صدق أداة الدراسة

صدق المحکمین: تم عرض اداة الاستبانة واداة المقابلة على مجموعة من المحکمین ذوی الخبرة فی الاختصاص وقاموا بتعدیلها من الناحیة العلمیة واللغویة والنحویة وتم تعدیلها من قبل الباحث بناء على ملاحظات المحکمین قبل توزیعها على عینة الدراسة.

الصدق الظاهری: تم التحقق من صدق الأداة بحساب معامل الارتباط ، لفقرات الدراسة، مع الدرجة الکلیة للأداة، واتضح أنها متسقة مع الإطار النظری للدراسة، وتبین من خلال التحلیل الاحصائی ان جمیع فقرات الاداة دالة احصائیاً.

ثبات أداة الدراسة

تم التحقق من ثبات الأداة عن طریق حساب معامل الثبات کرو نباخ ألفا                       (Cronbach Alpha) حیث بلغ معامل الثبات الکلی (0.921) وبذلک تتمتع الاستبانة بدرجة عالیة من الثبات کما یظهر فی الجدول الآتی:

جدول رقم (5)

نتائج معامل (کرو نباخ ألفا) (Cronbach Alpha) لثبات أداة الدراسة

متغیرات الدراسة

المتغیرات التابعة: العوامل الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة.

المتغیرات المستقلة: العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

تحلیل البیانات

قام الباحث باتباع الاسلوب الکمی عن طریق تحلیل الاستبانة بواسطة برنامج التحلیل الاحصائی للعلوم الاجتماعیة ( spss  )، والتحلیل الکیفی عن طریق ربط وتفسیر المقابلات وتحلیلها والتعلیق علیها من خلال النظریات التی تبناها الباحث، وتفسیر نتائج الدراسة الکمیة والکیفیة معاً.

المعالجة الإحصائیة

للمعالجة الإحصائیة تم إیجاد المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة والنسب المئویة لإجابات عینة الدراسة على فقرات الاستبانة، وکذلک استخدم اختبار (ت) واختبار تحلیل التباین الأحادی ( One way analysis of variance ) لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات حسب المتغیرات المستقلة فی الدراسة، واختبار (توکی) لمعرفة الفروق بین المتغیرات، کما تم حساب معامل الثبات (کرونباخ ألفا) للتحقق من صدق الأداة الإحصائی وثباتها وذلک ضمن برنامج الرزم الإحصائیة ( SPSS).

نتائج الدراسة: فیما یلی عرضاً لنتائج الدراسة وتحلیلها وتفسیرها من خلال النظریات التی تبناها الباحث ومقارنتها مع نتائج الدراسات السابقة.

النتائج المتعلقة بالسؤال الأول

ما هی العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 ؟

للإجابة عن السؤال استخدمت المتوسطات الحسابیة والنسب المئویة لکل فقرة وللدرجة الکلیة، وقد اعتمد التدریج حسب مقیاس لیکرت الخماسی (موافق بشدة=5، موافق =4، محاید=3، معارض=2، معارض بشدة=1)، ومن أجل تفسیر النتائج اعتمدت مفاتیح المتوسطات الآتیة:

1-1.8 معارض بشدة، 1.81-2.6 معارض، 2.61-3.4 محاید، 3.41-4.2 موافق،  4.21-5 موافق بشدة

 

جدول رقم (6)

المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة لفقرات المحور الاول : العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق

أقصى درجة للاستجابة 5 درجات

نلاحظ من الجدول أن أهم الفقرات أرى ان الدخل الاقتصادی المحدود للأسرة  یؤدی للطلاق بین الزوجین، بمتوسط حسابی ( 4.75 )، یلیها أعتقد أن سکن الزوجین مع عائلة الزوج أو الزوجة یسبب الطلاق بمتوسط  (4.50)، وقد کانت اقل الفقرات أعتقد أن استقلالیة الزوجة أو الزوج مادیاً یسبب الطلاق بمتوسط مقداره  (3.00) وبلغت الدرجة الکلیة ( 3.90).

جدول رقم (7)

المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة لفقرات المحور الثانی: مجال                        العوامل الثقافیة للطلاق

أقصى درجة للاستجابة 5 درجات

نلاحظ من الجدول أن أهم الفقرات أعتقد أن عدم الالتزام القیمی للزوج أو الزوجة یؤدی للطلاق بمتوسط حسابی (4.75) یلیها أتوقع أن التردد على المشعوذین من قبل أحد الزوجین یؤدی للطلاق بمتوسط (4.50) وقد کانت اقل الفقرات موافقة أشعر أن التمسک بالقیم التقلیدیة من قبل أحد الزوجین یسبب الطلاق بمتوسط مقداره (3.25) وبلغت الدرجة الکلیة (3.75).

جدول رقم (8) المتوسطات الحسابیة والانحرافات المعیاریة لفقرات المحور الثالث : مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق

أقصى درجة للاستجابة 5 درجات

نلاحظ من الجدول أن أهم الفقرات أرى أن زیادة الشک من قبل أحد الزوجین اتجاه الآخر یؤدی للطلاق بمتوسط حسابی (4.00) یلیها أعتقد أن الاختلاف فی المستوى التعلیمی بین الزوجین یؤدی للطلاق بمتوسط (3.75) وقد کانت اقل الفقرات موافقة أرى أن أهم اسباب الطلاق بین الزوجین التکنولوجیا الحدیثة متمثلة بوسائل التواصل الاجتماعی والاعلام المفتوح بمتوسط مقداره ( 2.50) وبلغت الدرجة الکلیة ( 3.38).

وقد انبثقت عن السؤال الرئیس الفرضیات الآتیة:

فحص الفرضیات

الفرضیة الاولى: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة α = 0.05 فی العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

للتحقق من صحة الفرضیة الاولى استخدم اختبار (ت) واختبار (تحلیل التباین) لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة  العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة. کما فی الجدول رقم (9).

الجدول (9)

نتائج اختبار (ت)  لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

تشیر المعطیات الواردة فی الجدول السابق إلى وجود فروق فی العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة. لصالح3501 لغایة 5000 شیکل.

 تتفق نتیجة هذه الفرضیة مع نتیجة دراسة عبد الرازق المالکی (2001) التی تؤکد أن معظم المطلقات هن فی مقتبل العمر وسن العطاء، وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة فهمی سلیم غزوی (2007) التی تؤکد أن هناک علاقة بین قصر الخطوبة ووقوع الطلاق. ونتیجة دراسة عبد الرازق المالکی (2001) التی تؤکد هناک أهمیة للمسکن وطبیعة المسکن وأثرة فی ظاهرة الطلاق وهو یعد سبب من أسباب الطلاق وضیق المسکن وعدم وجود مسکن وطبیعته کل هذا یؤدی الى الطلاق. واختلفت نتیجة هذه الدراسة مع نتیجة دراسة دانا أسعد (2007) التی تؤکد عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائیة بین متغیر الدخل وتفاعلها الاجتماعی.

ویتبین من خلال المقابلات التی اجریت مع المبحوثین أن من الإشکالیات التی نلاحظها فی الأزواج المطلقین فی السنة الأولى من الزواج طریقة التنشئة التی عاشوها فی بیوتهم، حیث إنَّ کثیرٌ منهم یملک صفة اللامبالاة والإهمال والاتکالیة، وعدم تقدیس الحیاة الزوجیة، ونجد أنَّ کثیرٌ من الشباب ینشأ وفق قیم خاطئة تضخم من دوره بوصفه رجل، وتبرر له الخطأ، وفی المقابل تقلل من قیمة المرأة، وتضعها فی هامش الحیاة. ومن أمثلة ذلک للأنثى قبل الزواج، عدم تعویدها على تحمل مسؤولیة الزوج، أو مسؤولیة البیت، أو ترک الذکر أو الأنثى للتلفاز أو الفیدیو والإنترنت أو بعض المجلات التی تعدّ منابر للهدم والتخریب، وتشجع البنت على رفض قوامة الرجل، وأنَّه یلزم أنْ تکون لها شخصیتها وسیطرتها، وتصحف الصحف والمجلات والمواقع الإلکترونیة، أنَّ الحیاة الأسریة للزوجة ما هی إلاَّ معرکة تخوضها مرة مع أبیها الذی یبتزها أحیاناً، ومرة مع أخیها الذی أخذ الصلاحیات وأصبح هو یخرج ویلعب ویمنعها من الخروج، وثالثة مع زوجها لتفرض شخصیتها ورأیها علیه، وبذلک تحول هذه المجلات والمواقع الإلکترونیة الفتاة إلى قنبلة موقوتة تدمر نفسها ومجتمعها.

کما اکدت معظم الحالات التی تمت مقابلتها أن أهم اسباب الطلاق قصر فترة الخطوبة أو طولها حیث تعدّ فترة الخطوبة مرحلة مهمة جداً فی حیاة الزوجین لفهم بعضهما ومعرفة نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف ومن ثمّ تحقیق الانسجام، من هنا ینبغی أنْ تکون هذه الفترة مناسبة للوصول لتحقیق الهدف منها، لذا ینبغی أنْ یتفق الطرفان على الفترة الزمنیة التی سوف تستغرق فیها فترة الخطوبة علماً أنْ الاعتقاد بانَّ طول فترة الخطوبة بشکل الحواجز بینهما أمر خاطئ. وإنَّ قصر فترة الخطوبة کذلک أمر خاطئ. فخطوبة شهر خاطئة وغیر کافیة لیتعرفا على طباع بعضهما وفی المقابل خطوبة سنتین کثیرة یدخل الملل إلى حیاتهما وإلى نفسیهما ولا یبقى شیء للحیاة الزوجیة. فالاعتدال أمر مطلوب، ویتم ذلک عندما الخطیبین خطة زمنیة محددة وواضحة وبیّنة للانتقال بشکل منطقی وعقلانی إلى الخطوة التالیة وهی الزواج، آخذین بعین الاعتبار الظروف المحیطة بالزوجین ولا بد أنْ یکون الحوار هادئاً ولطیفاً وعقلانیاً.

کما أکد جمیع المبحوثین من خلال المقابلات التی اجریت معهم عمل المرأة واستقلالها اقتصادیاً یعدّ من أسباب تصاعد الخلافات الزوجیة، وذلک حین تعطی بعض الزوجات لعملهن الاهتمام الأکبر على حساب علاقتهن بأزواجهن وأبنائهن، وهذا أمرُ یستدعی فی مرات کثیرة أنْ یلجأ الزوج لطلب الطلاق؛ لأنَّ زوجته وبسبب انشغالاتها الخارجیة والضغوط النفسیة التی تعانیها عند رجوعها إلى البیت، یحدث أنْ تهمل أبناءها وزوجها إهمالاً وإنْ کان غیر مقصود، ولکنه ذو نتائج وخیمة على نفسیة الأبناء والزوج ابتداء مما یحذو به أنْ یفکر أو یبادر بالتهدید بالطلاق، بالإضافة إلى المشکلات التی قد تحصل بسبب غیرة الزوج بسبب عمل الزوجة خارج المنزل واختلاطها مع الرجال، وکذلک تحصل خلافات کثیرة حول المال الذی تحصل علیه الزوجة هل تصرفه على بیتها أمْ على نفسها أمْ تعطی منه لأبیها... الخ.

وأکدت جمیع عینة المقابلة الزواج المبکر للفتاة وربما مع عدم موافقتها، وبالتالی فإنَّ قلة تجربتها وانعدام خبرتها بمسألة التعایش والتکیف، بالإضافة إلى جهلها بمسؤولیات الزوج واحتیاجاته الخاصة، وهذا ما قد یخلق لها نوعاً من النفور حتى من أنوثتها، ومن ثم  قد تصاب ببعض الأذى النفسی الذی یؤثر علیها ولا یؤهلها مجدداً للاستمرار داخل الحرم الزوجی. والتقدم بالعمر(العنوسة) عند الطرفین أو أحدهما وحتى لا یفوتهما قطار الزواج  وعلى طریقة المثل المصری (ظل راجل ولا ظل حیطة) فإنَّهما یستغلا أوّل فرصة سانحة للزواج دون دراسة ومعرفة دقیقة وحقیقة لبعضهما ولمشاعرهما، وما إنْ ینتهی عسل الأیام الأولى حتى تتکشف للطرفین أموراً وطباع قد لا تتوافق مع شخصیة الآخر، وربما یصبح الاستمرار ضرباً من الاستحالة.

الوضع الاقتصادی المتردی للزوج والناتج عن البطالة وعدم وجود فرص عمل أو تعیین لا سیما للخریجین فی المجتمع الفلسطینی عامة ومجتمع الدراسة خاصة ما یتعذر معه على الزوج تحقیق متطلبات زوجته من حیث الإنفاق من مأکل وملبس ومشرب وطلب الاستقلال بالسکن وبقیة احتیاجات الزوجة الأخرى لا سیما إذا کانت الزوجة لا تقدر ظرف زوجها الاقتصادی، وفی الاتجاه الآخر قد یؤدی تحسن الوضع المادی للزوج إلى مشکلات أخرى تتعلق بالمیزانیة والتبذیر وربما إقدام الزوج على الزواج بزوجة ثانیة ویهمل الزوجة الأولى وکل ذلک یمکن أنْ یکون أسباباً للطلاق.

تعدّ المرأة المطلقة فی المجتمع الفلسطینی مدانة فی کل الأحوال من الناحیة الاجتماعیة، کونها الجنس الأضعف، والکل ینظر إلیها على أنَّها هی السبب فی طلاقها، ویحاصر المجتمع الفلسطینی المطلقة بنظرة فیها ریبة وشک فی سلوکها وتصرفاتها ما تشعر معه بالذنب، والفشل العاطفی، وخیبة الأمل، والإحباط وهذا یزیدها تعقیداً ویؤخر تکیفها مع واقعها الحالی فرجوعها إذنْ إلى أهلها بعد أنْ ظنوا أنَّهم ستروها بزواجها وصدمتهم بعودتها موسومة بلقب (مطلقة) الردیف المباشر لکلمة (العار) عندهم وأنَّهم سیتنصلون من مسؤولیة أطفالها وتربیتهم وأنَّهم یلفظونهم خارجاً ما یرغم الأم فی کثیر من الأحیان على التخلی عن حقها فی رعایتهم إذا لم تکن عاملة أو لیس لها مصدر مادی کافٍ لأنَّ ذلک یثقل کاهلها ویزید معاناتها، أمَّا إذا کانت عاملة أو حاملة لأفکار تحرریة فتلوکها ألسنة السوء فتکون المراقبة أشد والحراسة أکثر إیلاماً.

الفرضیة الثانیة: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة α = 0.05 فی مجال العوامل الثقافیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

للتحقق من صحة الفرضیة الثانیة استخدم اختبار (ت) واختبار (تحلیل التباین) لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة  مجال العوامل الثقافیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة. کما فی الجدول رقم (10).

الجدول (10)

نتائج اختبار (ت)  لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة                   مجال العوامل الثقافیة للطلاق تعزى لمتغیر العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة،                   مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

تشیر المعطیات الواردة فی الجدول السابق إلى وجود فروق فی العوامل الثقافیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة 1450 شیکل.

تتفق نتائج هذه الفرضة مع نتیجة دراسة فهمی سلیم غزوی (2007) التی تؤکد أن أهم اسباب الطلاق من وجهة نظر المطلقین: العادات والتقالید، وعدم الالتزام بالبس الشرعی، والشک عند الزوجین، والعاطفة الجارفة، وعدم اتخاذ القرار بتعقل، ووجود الهاتف الخلوی مع الزوجة، ورغبة الرجل بزواج من امرأة متحررة. وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة خالد بن عمر الردیعان (2008) التی تؤکد أن التعبیر عن ثقافة جیل یتأرجح بین تقالید الماضی ومتطلبات عصر العولمة والانفتاح الذی لا یوفر لهم رغم ذلک الا خیارات محدودة، وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة ایمن الشبول (2010) التی تؤکد أن النسق القیمی فی المجتمع وما یتضمنه من أفکار وقیم وعادات وتقالید عن الزواج، وطریقة اختیار الشریک، والعلاقة بین الزوجین، والصفات والطبائع الخاصة لکلیهما وتدخل الاهل تؤثر سلباً أو ایجاباً على طبیعة سیر العلاقة بینهما      وبین المجتمع.

أجمع المبحوثین من خلال المقابلات التی اجریت معهم أن التطور الثقافی، والتداخل الذی یحصل فیه من عالمیة العولمة مثل: دخول الانترنت، والهاتف النقال، والفضائیات وبرامجها، لا سیما المسلسلات الأجنبیة کان له تأثیر سلبی على واقع الحیاة الأسریة، والزوجیة نتیجة للاستعمال الخاطئ لهذه الوسائل بعیداً عن توظیفها فی خدمة                    الأسرة والمجتمع.

  أنَّ الآثار المدمرة للطلاق تشمل الرجل أیضاً، حیث یعانی هو الآخر منه، فالرجل غالباً ما یجد نفسه بعد الطلاق وحیداً، نتیجة طبیعة العلاقات الاجتماعیة التی یبنیها حوله، فهو یشعر بالخیبة لفقدان دوره بوصفه أب وزوج، ویصاب بالصدمة نتیجة شعوره بالمسؤولیة لانهیار الأسرة، إضافة إلى عدم السماح له قانوناً بحضانة الأولاد فی معظم الأحیان إلاَّ فی سن متأخرة للأبناء. وأنَّ الرجل المطلق یعانی غالباً من عدم القدرة على التکیف اجتماعیاً بعد الطلاق، کما یواجه صعوبات فی خوض التجربة مرة أخرى بوصفه رجلاً ( له ماضٍ). فالرجال یمیلون عادة إلى کبت أحزانهم وعدم البوح بها للغیر کما تفعل معظم النساء، ما یعرضهم إلى أمراض جسدیة ومشکلات نفسیة عدیدة بعد الطلاق، وإنْ کان هذا لا ینفی وجود آثار إیجابیة یمکن أنْ تحدث نتیجة للطلاق، فقد یدفع الإحساس بالفشل الرجل إلى الثورة على نفسه، فیحاول الترکیز فی عمله وإثبات ذاته والتغلب على مرارة التجربة والخطأ.

الفرضیة الثالثة: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة α = 0.05 فی مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة

للتحقق من صحة الفرضیة الثالثة  استخدم اختبار (ت) واختبار (تحلیل التباین) لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة. کما فی الجدول رقم (11).

الجدول (11)

نتائج اختبار (ت)  لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق  تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

تشیر المعطیات الواردة فی الجدول السابق إلى وجود فی مجال التغیرات الاجتماعیة للطلاق تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 19-25 سنة، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح 3 سنوات فأقل، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة 1450 شیکل.

 تتفق نتیجة هذه الفرضیة مع نتیجة دراسة سلوى عبد الحمید الخطیب (2009) التی تؤکد أن أهم أسباب الطلاق من وجهة نظر المرأة السعودیة:  الجفاف العاطفی، سوء الطباع، اختلاف طباع الزوجین، زواج المسیار، اختلاف مفهوم المرأة للعلاقة الزوجیة عن الرجل، ووجود بدائل أخرى أمام المرأة ساعدها على اتخاذ قرار الطلاق.

یتبین من خلال المقابلات التی اجریت مع المبحوثین أنَّ معظم حالات طلاق الشباب تحدث بسبب ضعف تأهیل الشاب والشابة إلى مرحلة الزواج وهذا الضعف تعود أسبابه إلى عدم إدراک الطرفین أو أحدهما بمرحلة الزواج وأهمیتها وطبیعة المرحلة الزوجیة فإنَّ حالة الزواج فی السنوات الأولى تکون معرضة للفشل بنسبة کبیرة لأدنى ولأتفه الأسباب، ویعود ذلک لقلة خبرة الزوجین أو أحدهما بهذه المرحلة وعدم قدرة فهم الزوجین أو أحدهما أنَّ مرحلة الزواج تختلف عمَّا قبلها اختلافاً کلیاً لا سیما فئة الشباب حیث أنَّ کثیرٌ منهم لا یستطیع التخلص من مرحلة العزوبیة وعدم قدرته على التأقلم مع الحالة الزوجیة؛ بلْ ومنهم من لا یقاوم فراق الأصدقاء والزملاء الذین ظل ملازماً لهم سنوات طویلة، فی الوقت نفسه الذی تکون فیه الفتاة غیر قادرة على التأقلم مع عدم قدرة الزوج على التخلص من هذه الحالة.

أکد جمیع المبحوثین من خلال المقابلات التی اجریت معهم أن الطلاق سهل جداً فی وقتنا الحاضر مقارنة بالماضی، ولیس بأدل على ذلک من أنْ نرى شباباً من الذکور والإناث مطلقین، لأنَّه لم یکد یمر على زواجهم أشهر معدودة أو سنین لا تتجاوز أصابع الید الواحدة حتى جاء الطلاق لینقلهم إلى حیاة یصعب تخیل ماهیتها. وهذا ما یطلق علیه الطلاق السریع، الذی یبدو ارتبط بعصر السرعة الذی نعیشه، فهناک حالات کثیرة فی مجتمع الدراسة انتهى فیها الزواج قبل الدخول أو بعد ساعات أو أیام وأشهر لا تتجاوز السنة وأصبح الرباط الغلیظ وأبغض الحلال عند الله تعالى ألعوبة فی ألسنة کثیر من الرجال وأصبح طلب الطلاق من قبل المرأة أسهل علیها من أی شیء آخر حیث تؤکد بعض الحالات التی تمت مقابلتها: ( أنَّ الشباب الآن أصبح یمتلک الإیقاع السریع للعصر فی کل شیء حتى فی مسألة الزواج والطلاق، فالزواج یتم سریعاً دون الإلمام بطِباع وأخلاقیات الطرف الآخر ولذلک یُصبح الطلاق سریعاً وسهلاً عند حدوث المشکلات تطبیقاً لمبدأ ما یأتی بسهولة یذهب بسهولة).

کما أکد المبحوثین من خلال المقابلات التی اجریت معهم أن من أهم اسباب الطلاق فی مجتمع الدراسة الزواج القائم على الشکل الخارجی والبعید کل البعد عن الأخلاق والدین، ولأنَّ الجمال بلا أخلاق سیختفی بمجرد مشاهدة الرجل لامرأة أجمل من زوجته فی الشارع أو فی مکان العمل، وکذلک الحال بالنسبة للمرأة التی تستعجل الاختیار لمجرد الفراغ العاطفی، ودغدغة المشاعر الذی یمارسه الطرف الآخر تجاهها، ولمجرد الخروج من منزل الأهل بسبب الرقابة المستمرة، أو لمجرد الحصول على المال، فإنَّ مثل هذه المرأة سوف تقوم بطلب الطلاق بعد أشهر عندما تکتشف أنَّ السعادة، والمودة، والرحمة فی الحیاة الزوجیة لا یمکن أنْ تتوفر بالمال، والسفر، والمشاعر الزائفة المؤقتة.

تمتد آثار الطلاق المدمرة إلى المجتمع الفلسطینی والتی تتجسد فی عدد من المخاطر لعلَّ أهمها: خروج جیل حاقد على المجتمع، بسبب فقدان الرعایة اللازمة له، وتزاید أعداد المشردین، وانتشار جرائم السرقة، والاحتیال والنصب، والرذیلة، وزعزعة الأمن والاستقرار فی المجتمع المدروس، فضلاً عن تفککه، فالطلاق یسبب اختلالاً فی کثیر من القیم التی یسعى المجتمع إلى ترسیخها فی أذهان أفراده وسلوکیاتهم مثل: الترابط والتراحم، والتعاون، والتسامح، ومساعدة المحتاج والوقوف معه فی حالات الشدة...الخ، من القیم الإیجابیة المهمة فی تماسک المجتمع واستقراره. إذ یوَّلد الطلاق إحباطاً نفسیاً قوی التأثیر فی کل فرد من أفراد الأسرة المطلقة، قد یجعل بعضهم یوجه اللوم إلى المجتمع الذی لم یساعد على تهیئة الظروف التی تقی من الطلاق والتفکک، فیتحول اللوم لتلک القیم التی یدافع عنها المجتمع، ویسعى الفرد للخروج علیها وعدم الالتزام بها بوصفه نوع من السلوک المعبر عن عدم الرضى غیر المعلن، کما قد یظهر الفرد نوعاً من السلوک الثقافی المنافی لِما هو متعارف علیه فی مجتمعه کرد فعل لعدم الرضى عن المجتمع وثقافته، فقد نجده یمجد الثقافة الوافدة على حساب ثقافة مجتمعه.

الفرضیة الرابعة: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائیة عند مستوى الدلالة α = 0.05 فی العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

للتحقق من صحة الفرضیة الرابعة  استخدم اختبار (ت) واختبار (تحلیل التباین) لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة. کما فی الجدول رقم (12).

الجدول (12)

نتائج اختبار (ت)  لقیاس دلالة الفروق فی المتوسطات الحسابیة للدرجة الکلیة العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج، مدة الحیاة الزوجیة، مکان السکن، الدخل الشهری للأسرة.

تشیر المعطیات الواردة فی الجدول السابق إلى وجود فروق فی العوامل الاجتماعیة والثقافیة المؤدیة لظاهرة الطلاق فی ضوء التغیرات الاجتماعیة فی المجتمع الفلسطینی – دراسة فی جنوب الضفة الغربیة من عام 2013 لغایة عام 2016 تعزى لمتغیر، العمر عند الزواج لصالح 18 سنة فأقل، ومدة الحیاة الزوجیة لصالح قبل الدخول أی فی فترة الخطوبة، ومکان السکن لصالح القریة، والدخل الشهری للأسرة لصالح 1450 شیکل فأقل.

تتفق نتیجة هذه الدراسة مع نتیجة دراسة دانا أسعد (2007)  التی بینت تراجعاً فی العلاقات الاجتماعیة المطلقة وخاصة مع أقاربها (الأعمام والأخوال). وإن الطلاق ترک تأثیرات سلبیة اجتماعیة، ونفسیة، واقتصادیة واضحة على تفاعل المطلقة مع محیطها الاجتماعی وبخاصة فی مدینة کالزرقاء تتسم بالاکتظاظ السکانی وتدنی مستوى الدخل. وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة فهمی سلیم غزوی (2007) التی تؤکد أن أهم الاسباب للطلاق: الغیرة الشدیدة، الأمور المادیة، تدخل الأهل، العنف، کثرة النقاش والحوار، البعد عن الدین، منع الزوجة من زیارة أهلها، خروج الزوج وعدم اهتمامه بالمنزل، الإساءة فی اختیار الزمجة، شرب الخمر. وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة محمد سعید محمد الغامدی (2009) التی تؤکد أن المرأة المطلقة تتلقى معاملة غیر ایجابیة سواء من افراد اسرتها أو من المجتمع المحیط بها. وان المطلقة توصم بما یعرف بالوصمة الاجتماعیة السلبیة التی تعتبرها غیر قادرة على تحمل مسؤولیة فی تکوین أسرة. وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة ایمن الشبول (2010) التی تؤکد وجود علاقة قویة بین ثقافة المجتمع وقیمة ومعتقداته وقناعاته وبین تزاید نسبة الطلاق. وتتفق هذه النتیجة مع نتیجة دراسة رانی اسمارتی (Rani Asmarti,2012) التی تؤکد على الوصمة الاجتماعیة التی تتعرض لها المرأة المطلقة سواء کانت وصمات عقلیة وجسمانیة بسبب کثرة الحدیث الذی یکون بسبب المجتمع العقیم الذی یوصل المطلقة إلى حالة یرثى لها.

 اجمعت جمیع الحالات التی تمت مقابلتها بتباین صور الخلاف وعوامله فی کل حالة على وفق طبیعة العلاقة الشخصیة وما یترتب علیها من نفور أو تباعد یزداد إلى الدرجة التی تؤدی إلى الهجر والانفصال ثم الطلاق. لا یقتصر هذا الوهن على ما قد یصیب العلاقة بین الزوجین؛ بلْ قد یشمل علاقات الوالدین بأبنائهما أیضاً. ومن مظاهر التفکک الأسری الاختلال الذی یصیب دور الرجل والمرأة لا سیما فی مجال التوقعات، ومن العوامل التی تؤدی لهذا الاختلال الطلاق.

واکد جمیع المبحوثین من خلال المقابلات التی اجریت معهم أن الطلاق من أهم أشکال التفکک الأسری وضوحاً، حیث إنَّ الأنماط  الأخرى یصعب تحدیدها بشکل ملموس أو قیاسها إحصائیاً. وأکثر آثار التفکک الأسری وضوحاً فی الطلاق هو ما یمکن تلخیصه فی: توقف الإشباع الجنسی، فقدان الإحساس بالأمن، والصداقة، والحب، وعدم وجود مثلٌ أعلى لدور الکبیر على الطفل، وزیادة الأعباء على الطرف الموجود خاصة بالنسبة لرعایة الأطفال، وزیادة المشکلات المادیة والمسؤولیات المنزلیة. کما اجمع المبحوثین من خلال المقابلات تبدل أسس اختیار الشریک فی هذا الوقت الحاضر وأصبحت أسس هشة جداً ولا یحدث الارتباط بین الأسر الیوم على أسس قویة أو اختیار سلیم، فی حین أنَّ الشرع قد حدد أسس الاختیار عند الزواج، والمحافظة على الفرائض والشعائر الظاهرة، أمَّا حد الأخلاق فهو التزام آداب الإسلام خاصّة فیما یتعلّق بالشرف والنزاهة والعفة والصیانة والبعد عن الفواحش والرفق والود. ولکنَّ هذه الأمور لا یتم مراعاتها الیوم؛ بلْ یتم النظر إلى الشکل أو المستوى المادی والاجتماعی فقط.

  أن دور منظمات المجتمع المدنی اتجاه المسؤولات والعاملات فی تلک المنظمات على إقامة مؤتمرات لا عدَّ لها. وهی بمجملها مؤتمرات تحرض المرأة على إتباع النمط الأمیرکی والأوربی فی التعامل. وتعدَّ تلک المنظمات أنَّ أی کلمة یقولها الزوج لزوجته هی إساءة بالغة، وتطالب المنظمات بتطبیق اتفاقیات سیداو... وغیرها، غیر مدرکة لخصوصیة وتفرد المجتمع الفلسطینی ذو الثقافة العربیة.

  کذلک فإنَّ الطلاق یترک آثاراً سلبیة على المطلقة من النواحی النفسیة والاجتماعیة لا سیما إذا کانت غیر متعلمة ولا تستطیع الاعتماد على نفسها من الناحیة الاقتصادیة، وأنَّ المطلقین من الجنسین أکثر قلقاً واکتئاباً من المتزوجین وأنَّهم معرضون لصحة أسوأ وانهیار واعتلال صحی، وأکثر انفعالیة وعرضة للضغوط النفسیة. والنساء المطلقات أکثر تعرضاً للاکتئاب، والحزن، والقلق، والغضب، وینعکس ذلک على الأبناء الذین یشعرون بعدم الأمن والاستقرار، فیصبحوا أقل ثقة فی النفس وأقل تکیفاً مع علاقاتهم الاجتماعیة.

 

 

 

توصیات الدراسة

فی ضوء نتائج الدراسة یوصی الباحث بما یلی:

1)     اجراء دراسات فی مجتمع الدراسة حول ظاهرة الطلاق للحد من تفاقم الظاهرة.

2)     نشر الوعی حول الارتباط الزواجی عن طریق وسائل الاعلام والمؤسسات التربویة، والتعلیمیة، والاهلیة.

3)     تشدید الرقابة على وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعی عبر الانترنت من قبل الأهل.

4)     التفکیر ملیاً قبل الارتباط الزواجی واعطاء الذکر والانثى فرصة للتفکیر حول مستقبلهما.

5)     زرع الوازع الدینی فی الابناء خوفاً من الانجراف وراء لشهوات.

6)     العمل على التکیف الزواجی من خلال اعطاء ندوات ودورات للمقبلین على الزواج.

7)     اعطاء مهلة زمنیة فی فترة الخطوبة قبل عقد القران کفرصة لکلا الخطیبین وهذا ما نص علیه الدین الاسلامی.

8)     الاستقلال بعد الزواج عن الأسرة الممتدة لیتفاهم الزوجین ویتکیف کل منهما مع الآخر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

1)                               Peter M. Blau (1964): Exchange and Power in social Life. Transaction publishers، New Brunswck (U.S.A) and London (U. K).

2)                               Rani Asmarti (2012) :The stigma of divorced women in East Asia ،research published in the Journal of psychological studies، Switzerland.

3)                               Tan Wasten (2008) ;problems facing widows and divorced women in western societies، research for women's renewal society، Germany.

4)        ابن منظور،  لسان العرب، فصل: طلق (4/2193)؛ القاموس المحیط لفیروز أبادی (ص1167).

5)        ابو زنط، مهتاب احمد اسماعیل (2016): الطلاق، اسبابه ونتائجه من وجهة نظر المطلقات دراسة میدانیة فی محافظة نابلس، رسالة ماجستیر غیر منشورة، جامعة النجاح، فلسطین- نابلس.

6)        أسعد، دانا (2007): تأثیر الطلاق على تفاعل المرأة المطلقة الاجتماعی فی مدینة الزرقاء ، کلیة الدراسات العلیا، الجامعة الاردنیة.

7)        الجهاز المرکزی للإحصاء الفلسطینی(2017): کتاب فلسطین الاحصائی السنوی، کانون أول/ دیسمبر 2017.

8)        الحسن، احسان محمد (2005): النظریات الاجتماعیة المتقدمة ، دار وائل للنشر والتوزیع، ط1، الأردن.

9)        الخطیب، سلوى عبد الحمید (2009): التغیرات الاجتماعیة وأثرها فی زیادة معدلات الطلاق على المجتمع السعودی من وجهة نظر المرأة المطلقة، جامعة الملک عبد العزیز، مجلة الآداب والعلوم الانسانیة، المجلد 17، العدد 1، المملکة العربیة السعودیة.

10)    الخطیب، سلوى عبد الحمید أحمد (2007) : نظرة فی علم الاجتماع الأسری، مکتبة الشقری للنشر والتوزیع، المملکة العربیة السعودیة، الریاض.

11)    الخطیب، سلوى عبد الحمید أحمد (2009): التغیرات الاجتماعیة وأثرها على ارتفاع معدلات الطلاق فی المملکة من وجهة نظر المرأة السعودی، مجلة کلیة الآداب، جامعة الملک عبد العزیز، مجلد (17)، العدد (1).

12)    الردیعان، خالد بن عمر (2008): طلاق ما قبل الزفاف: أسبابة وسمات المطلقین، جامعة الملک سعود، عمادة البحث العلمی، مرکز بحوث کلیة الآداب، المملکة العربیة السعودیة.

13)    الرویلی، اسماء بنت قریان (2005): العوامل الاجتماعیة والاقتصادیة المرتبطة بأنماط الزواج، رسالة ماجستیر غیر منشورة فی علم الاجتماع. الریاض: جامعة الملک سعود.

14)    الشبول، ایمن (2010): المتغیرات الاجتماعیة والثقافیة لظاهرة الطلاق- دراسة انثروبولوجیة فی بلدة الطرة، مجلة جامعة دمشق، المجلد 26، العدد الثالث + الرابع، دمشق- سوریا. ص 647-705.

15)    عبد الجواد، مصطفى (2009) : نظریة علم الاجتماع المعاصر، دار المسیرة للنشر والتوزیع، ط1، الأردن.

16)    عبد الکریم، عبدالله محمد الصافی (2012): فاعلیة برنامج ارشادی لتحسین مفهوم الذات لدى المطلقات مبکراً ، مجلة الإرشاد النفسی، العدد 32، ص 39-93.

17)    عیوش، ذیاب (2015): مقدمة فی علم الاجتماع، ط 2، فلسطین- بیت لحم.

18)    الغامدی، محمد سعید محمد (2009): التکیف الاجتماعی والاقتصادی والنفسی للمرأة السعودیة المطلقة فی محافظة جدة، مجلة جامعة ام القرى للعلوم الاجتماعیة، المجلد الاول، العدد الثانی، المملکة العربیة السعودیة. ص 145-188.

19)    غزوی، همی شبول (2007): الاسباب الاجتماعیة والاقتصادیة للطلاق فی شمال الاردن- دراسة میدانیة فی محافظة اربد، الجامعة الاردنیة، عمادة البحث العلمی، مجلة دراسات العلوم الانسانیة والاجتماعیة، المجلد 34، العدد 1، الاردن. ص 68-83.

20)   القریشی، غنی ناصر حسین (2014): الطلاق بین الممکن والمحظور -  دراسة اجتماعیة تحلیلیة، مجلة کلیة التربیة الاساسیة- جامعة بابل، العدد 15.

21)    کمال، مرسی (1991): العلاقات الزوجیة والصحة النفسیة فی الاسلام وعلم النفس، دار القلم للنشر والتوزیع، الکویت، ط 1، ص301-302.

22)    المالکی، عبد الرزاق فرید (2001): ظاهرة الطلاق فی دولة الامارات العربیة المتحدة أسبابه واتجاهاته مخاطرة وحلوله دراسة میدانیة، مرکز الامارات للدراسات والبحوث.

 

Article View: 2,496

PDF Download: 762