دراسة بعض المتغيرات المرتبطة بالمستوى المعرفي لمربي الاسماک في حوض نهر الغرّاف في جمهورية العراق

المقدمة والمشکلة البحثية:

تعتبر الأسماک أحد مصادر البروتين الحيواني الهامة التي تحتوي على قيمة غذائية عالية، کما أنها تعتبر مصدراً للدهون الضرورية والفيتامينات والمعادن، کما أن کيلو واحد من الأسماک يغطي إحتياجات الفرد من اليود لمدة خمسين يوماً، وقد أشارت الدراسات العلمية الى أن نحو (200 غم) من لحوم الأسماک تکفي إحتياجات الفرد اليومية من البروتين الحيواني، حيث أن البروتين السمکي يتوافر به کميات وفيرة من الأحماض الأمينية الرئيسية التي يحتاجها الإنسان في غذائه مباشرة ولا يستطيع الجسم البشري تکوينها (إبراهيم ،1990: ص 9).

کما تعتبر الأسماک من الحيوانات الأکثر کفاءة في تحويل غذائها الى أنسجة، فقد وجد أن أحد أنواع الأسماک (التراوت) عندما يغذى على غذاء عالي الجودة فإن کل (1,5 کيلو غرام) من الغذاء يتحول الى(کيلوغرام) من اللحم السمکي، کما إن الطاقة اللازمة لإنتاج وحدة من الوزن في الأسماک تکون أقل مما في حالة الحيوانات الارضية الأخرى (1988 ,Hepher ) .

وعلى ذلک يمکن القول أن التوسع الأفقي والرأسي في الإستزراع السمکي يمکن أن يلعب دوراً حيوياً في توفير إحتياجات السکان من البروتين الحيواني وتقليل حجم الفجوة الغذائية وخفض الواردات بصفة عامة من اللحوم والأسماک (EL- Ghmrini, 1998:p258 )

هذا ويبلغ إنتاج العراق من الثروة السمکية (المزارع السمکية ومن الأنهار والصيد البحري) عام 2005 (25,6 ألف طن فقط) أي بقدر ما تنتجه الصومال وأقل 40 مرة مما تنتجه مصر، وقد إختفت من الأسواق أنواع رئيسية من الأسماک العراقية کالبني والکطان والشبوط وإنخفض إنتاج الثروة السمکية من (36935 طن) عام 1997 الى (25998 طن) عام 2001 بسبب تجفيف الأهوار وإنخفاض مناسيب المياه والتي أعيد غمر (40%) منها بالمياه منذ عام (2003)، إضافة الى الممارسات الخاطئة التي يستخدمها بعض الصيادين کالسموم التي تقتل أعداد کبيرة من الأسماک، وعدم إلتزام الصيادين بمنع الصيد خلال موسم التکاثر مع عدم توفر الأعلاف والأدوية وضعف المتابعة، حيث تشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة الى أن الطاقة الإجمالية لإنتاج الأسماک في المياه العذبة أخذت بالهبوط المستمر حيث تراوحت ما بين (13,6) و(12,3) ألف طن بين عامي 2000 و 2004. وتشکل أسماک الکارب الإعتيادي الجزء الأکبر من المحتوى السمکي لمسطحات المياه الداخلية للعراق، يأتي بعدها الکطان، والشبوط، والبني، والأحمر، والشلک، والبز، والجري، وهناک أسماک أخرى غير إقتصادية کأسماک الخشني واللصاف والتي تتوفر بکثرة في المسطحات وسواحل الأنهار الداخلية، أما الأنواع البحرية فهي الهامور، والشانک، والبياح، والزبيدي، وبعض القشريات والروبيان(وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية – دائرة التخطيط الزراعي ، 2009، ص:10).

وفي السنوات الأخيرة إزداد الإنتاج السمکي في العراق ففي عام 2009 بلغ الإنتاج السمکي العراقي حوالي(321,5 طن)، وإرتفع عام 2010 إلى (32438 طن) وفي عام 2011 بلغ (54,99 ألف طن) حيث تقدر مقسمة إلى (39,76 الف طن) من المصائد و (15,23 الف طن) من المزارع وهذه الکميات لاتکفي لسد حاجات القطر لذا يستورد القطر بحدود (21,74 ألف طن) حيث تبلغ نسبة الإکتفاء الذاتي حوالي (71,67 %) المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، (2011 ) ، الکتاب السنوي للإحصاءات الزراعية،الخرطوم، السودان .

إن التدهور المرحلي واضح حيث تدني إنتاجية الدونم الواحد من الأسماک في المسطحات المائية
(4 کغم / دونم) مقارنة ببعض البلدان (50 کغم / دونم) ومعدل متوسط عالمي(35 کغم/ دونم) أما في أحواض التربية فتبلغ الإنتاجية (500 کغم / دونم) أما الإرتفاع النسبي في إنتاج لحوم الأسماک فيرجع الى کثرة التجاوزات الحاصلة بإنشاء بحيرات وأحواض وأقفاص تربية غير مجازة لتربية الأسماک في مختلف أنحاء البلاد ( وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية – دائرة التخطيط الزراعي ،2009 ص 12).

وبالرغم من إهتمام الدولة بتنمية وتطوير المزارع السمکية وبذل المزيد من الجهود لزيادة الإنتاج السمکي منها، إلا إن معدل الزيادة في إنتاج هذه المزارع لا يتماشى مع الزيادة السکانية الکبيرة مما أدى إلى إتساع الفجوة بين الإنتاج والإستهلاک، لذا يجب العمل على الحد من إتساع هذه الفجوة وذلک عن طريق نشاط إرشادي مکثف يعظم الإستفادة من هذه المزارع ويعمل على مد حائزيها بالمعارف والمعلومات الکفيلة بزيادة إنتاجها.

ويستطيع الإرشاد الزراعي بإعتباره عملية تعليمية تستهدف إحداث تغييرات مرغوبة  في معارف ومهارات وإتجاهات مربي الأسماک أن يقوم بدور فعال وحيوي وذلک بتوعية مربي الأسماک بأهمية التعرف على الممارسات والتوصيات الإرشادية المرتبطة بتربية وتغذية ورعاية الأسماک ، وما يترتب على ذلک من تحسين مستوياتهم الإنتاجية السمکية وبالتالي تحسين مستوياتهم الدخلية والمعيشية ، ولذلک فقد إهتمت هذه الدراسة بالتعرف على المستوى المعرفي لمربي الأسماک فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک وتحديد المتغييرات المرتبطة بها وذلک في حوض نهر الغرَاف في جمهورية العراق .

الأهداف البحثية:

يستهدف هذا البحث التعرف على بعض المتغييرات المرتبطة  بالمستوى المعرفي لمربي الأسماک في حوض نهر الغرّاف في جمهورية العراق، ويمکن تحقيق هذا الهدف من خلال تحقيق الأهداف الآتية :

1-   التعرف على بعض الخصائص الإجتماعية- الإقتصادية والإتصالية والنفسية المميزة  لمربي الأسماک المبحوثين.

2-   تحديد بعض المتغيرات المرتبطة بالمستوى المعرفي لمربي الأسماک المبحوثين.

3-   التعرف على العلاقات الإرتباطية بين بعض الخصائص الإجتماعية الإقتصادية والإتصالية المميزة لمربي الأسماک المبحوثين وبين المستوى المعرفي للمبحوثين فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک.

4-   تحديد المشکلات التي تواجه مربي الأسماک المبحوثين ومقترحاتهم لحلها من وجهه نظرهم.

الإستعراض المرجعي:

مفهوم المعرفة:

يرى عمر وآخرون ( 1973 ، ص : 53) أن المعرفة هي " القدر من المعلومات التي يحوزها الفرد والتي تمکنه من ربط علاقات ما بين الظواهر المختلفة بما يتسنى معه سهولة إدراکها وسرعة إستيعابها ".

في حين يرى حسن (1990، ص :60) أن المعرفة " لا تقتصر على ظواهر من لون معين بل تتناول جميع ما يحيط بالإنسان وکل ما يتصل به، ويضيف أن مفهوم المعرفة ليس مرادفاً للعلم، فالمعرفة أکثر شمولاً وأوسع حدوداً من العلم حيث تتضمن معارف علمية وغير علمية ".

ويذکر أبو السعود ( 1987، ص:351) أن المعرفة هي " جميع المعلومات والخبرات التي أدرکها الإنسان وإستوعبها عن طريق حواسه ويستطيع أن يسترجعها في أي وقت من الأوقات ".

بينما يرى سيد ( 1989، ص:35 ) أن المعرفة هي " إحاطة العلم بالشيء وهي تتناول جميع ما يحيط بالإنسان وما يتصل به، ويضيف أن المعرفة تختلف عن العلم في حد ذاته ذلک لأن العلم هو عملية منهجية لربط المعارف الجزئية وتوسيع نطاقها ".

ويذکر حسن (1990، ص :20) أن المعرفة هي " مجموعة من المعاني والتصورات والآراء والمعتقدات والحقائق التي تتکون لدى الإنسان نتيجة لمحاولاته المتکررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به ".

ويعرف السيد (1990: ص: 14) المعرفة على أنها " کل ما إستقر في ذهن الإنسان من معانٍ وخبرات أمکن إکتسابها عن طريق حواسه المختلفة ".

أنواع المعرفة:

تعددت المراجع والدراسات العلمية التي قامت بتصنيف المعرفة وتناولت أنواعها، فقد صنف عمر  وآخرون  (1973، ص :54) المعرفة الى نوعين : معارف علمية، ومعارف غير علمية، وإن التفرقة بينهما تکون على أساس قواعد المنهج المستخدم وأساليب التفکير التي تتبع في تحصيل المعارف.

بينما يرى جامع ( 1975، ص :114) أن هناک نوعين من المعرفة هما :

1-   المعرفة الواقعية : التي تتواجد في الواقع العملي للحياة.

2-   المعرفة الوجوبية : التي يجب أن تکون فعلاً وليس کائناً في الواقع.

  ويرى عمر( 1978، ص : 13،14) أن المعرفة يمکن تصنيفها الى ثلاثة أنواع هي :

1-   المعارف العامة : وتشمل مجموعة من المعلومات الأساسية التي يشترک في معرفتها جمهور کبير من الناس، وهي تساهم في تکوين إطار معرفي تبني عليه کثير من المعارف التخصصية الاخرى، وهي تشمل مجموعة مقررات أساسية في مجالات العلوم الطبيعية والإجتماعية والإنسانية.

2-   المعارف المتخصصة: وتشمل مجموعة من المعلومات التخصصية في مجال معين، والتي تکون الرکيزة الأساسية للإطار النظري الذي يبنى عليه کثير من التطبيقات المهنية الأخرى.

3-   المعارف المهنية: وتشمل مجموعة من المعلومات ذات الطبيعة التطبيقية المباشرة حيث تشمل معارف عن طبيعة المهنة وخصائصها وکيفية ممارستها، کما تتضمن مقررات أو معلومات تساعد المهني على تطبيق المعارف المتخصصة .

  ويرى سيد ( 1989، ص : 35،36) أن هناک ثلاثة أنواع من المعرفة هي :

1-   المعرفة الحسية: وهي التي تقتصر على الملاحظة البسيطة للظواهر المختلفة ولا تتعدى مستوى الإدراک الحسي العادي.

2-   المعرفة الفلسفية: وهي التي تقوم على الإسلوب القياسي وتتناول الظواهر بالبحث والدراسة وتتجه بالبحث إلى ما وراء الطبيعة.

3-   المعرفة العلمية: وهي التي تقوم على الإسلوب الإستقرائي الذي يعتمد على المنهج العلمي والملاحظة المنظمة للظواهر وفرض الفروض، وإجراء التجارب وجمع البيانات وتحليلها للتأکد من صحة الفرض أو عدم صحته.

طرق قياس المعرفة:

يذکر کل من جلال ( 1985،  ص : 109)، وأبو حطب وآخرون ( 1987،  ص : 397)، والنجار(1991،  ص : 89 )، أنه يمکن قياس المعرفة عن طريق إختبارات التحصيل والتي يمکن إيجازها فيما يلي :

1-   إختبار الإستدعاء البسيط : ويهدف الى إستدعاء الفرد لما تم حفظه.

2-   إختبار الصواب والخطأ : وهو عبارة عن أسئلة يبين الفرد فيها الصواب والخطأ.

3-   إختبار أسئلة البديلين : ويتطلب إجابة واحدة من بين إجابتين.

4-   إختبار الإختيار المتعدد : حيث يختار الفرد الإجابة الصحيحة من عدة إجابات محتملة.

5-   إختبار إتمام الجمل : وفيه يکمل الفرد الجملة الناقصة بکلمة أو مجموعة من الکلمات.

6-   إختبار المقابلة : وفيها يطابق الفرد بين قائمتين الأولى بها عدد من المشاکل والثانية بها إجابات لهذه المشاکل ولکن بترتيب مخالف ويطلب من الفرد أن يربط کل مشکلة من القائمة الأولى مع حلها في القائمة الثانية .

7-   إختبار الحصر : وفيه يقوم الفرد بحصر بعض النقاط التي يجب أن تتوافر في موضوع معين.

8-   إختبار أسئلة الترتيب : وفيه يقوم الفرد بترتيب خطوات أو إجراءات أو أحداث في تسلسل منطقي.

التصنيفات المعرفية:

لقد صنف بلوم وآخرون (Bloom et al.,1956 ( المجال المعرفي ضمن ست فئات رئيسية کما يذکرها  توق وآخرون ( 2007 ، ص : 43) هي :

1-   المعرفة (التذکر) : ويقصد بها تذکر المادة التي تم تعلمها سابقاً، وقد يتضمن هذا إستدعاء عدد کبير من المواد إبتداءاً من الحقائق البسيطة وإنتهاءاً بالنظريات، إلا أن کل ما هو مطلوب هو إستعادة المعلومات المناسبة، وتمثل هذه الفئة أدنى مستويات النواتج التعليمية في البعد المعرفي.

2-   الإستيعاب (الفهم) : ويقصد به القدرة على إمتلاک معنى المادة ويمکن إظهار هذا عن طريق ترجمة المادة من شکل الى شکل آخر (الکلمات إلى أرقام) أو عن طريق إتجاهات المستقبل (التنبؤ عن النتائج أو الآثار). إن هذه النتاجات التعليمية أصعب بقليل من مجرد التذکر، وتمثل أدنى مستوى من مستويات الفهم.

3-   التطبيق : ويقصد به القدرة على إستعمال المادة المتعلمة في مواقف محسوسة وجديدة وقد يشتمل هذا على تطبيق قواعد أو طرق أو مفاهيم أو مبادئ أو قوانين، أو نظريات، والنتاج التعليمي في هذا الميدان يتطلب مستوى أعلى من الفهم من ذلک الذي يتطلبه الإستيعاب أو الفهم.

4-   التحليل : ويقصد به القدرة على تجزئة مادة ما إلى عناصرها المکونة لها، لکي يتنسى فهم البناء التنظيمي لتلک المادة وقد يشتمل هذا على تعيين الأجزاء، وتحليل العلاقة بينهما، والتعرف على المبادئ التنظيمية المنتظمة وإن هذا المستوى أعلى من الإستيعاب والتطبيق من حيث أنه يتطلب فهم المحتوى والشکل البنائي للمادة.

5- الترکيب : ويقصد به القدرة على وضع الأجزاء مع بعضها البعض لتشکيل کل جديد، وقد يتضمن هذا إنتاج قطعة فريدة (خطاب موضوع) أو خطة عمليات (مشروع دراسة) أو منظومة علاقات مجردة (خطة لتصنيف معلومات). إن الناتج التعليمي في هذا الميدان يرکز على السلوک الإبداعي لتکوين أنماط بنائية جديدة.

6-   التقويم : ويقصد به القدرة للحکم على قيمة المادة لغرض معين، وهذه الأحکام يجب أن تبنى على معايير محددة، وقد تکون هذه المعايير معايير داخلية (التنظيم) أو معايير خارجية (مناسبة المادة للهدف)، إن النتاجات في هذا الميدان هي أعلى درجات الهرم المعرفي لأنها تحتوي على عناصر من کل الفئات الأخرى بالإضافة الى حکم القيمة المبني على معايير معرفة تعريفاً دقيقاً.

تنظم الست فئات أعلاه فيما بينها وفق ترتيب هرمي من الأسهل الى الأصعب ومن البسيط الى المرکب، کما يفترض أن الفئة المتقدمة تشتمل على الفئات التي تسبقها وتحتويها وکما هو موضح في الشکل رقم (1).

شکل (1): الترتيب الهرمي لفئات المجال المعرفي وفقاً لتصنيف بلوم

دور الإرشاد الزراعي في مجال الإستزراع السمکي :

يقوم الإرشاد الزراعي بدور هام في تعليم الأفراد کيفية إشباع إحتياجاتهم ومساعدة أنفسهم على حل مشکلاتهم من خلال تنمية معارفهم وفهمهم وتطبيقهم لهذه المعارف، کما يهدف الإرشاد الزراعي إلى مساعدة الناس بمدهم بالمعارف لرفع مستواهم الفکري وتعليمهم مهارات جديدة وتغيير إتجاهاتهم ونظرتهم لتقبل الجديد وحفزهم للسعي المتواصل للتعرف على مشاکلهم المتجددة والتوصل الى طرق علاجها ( الخولي ، 1971، ص : 158).

کما يقوم الإرشاد الزراعي أيضاً بدور هام في نشر وتحسين وإتباع الأساليب العلمية عند تطبيق العديد من المشروعات التنموية والتي من بينها تربية الأسماک ( الرافعي ،1991، ص : 164)، ولذلک فإن دور الإرشاد الزراعي في هذا المجال يتبلور في إعداد برامج تنموية تتناول مجال الإستزراع السمکي، وحث مربي الأسماک على تطبيق التقنيات الفنية المستحدثة في هذا المجال، وکذا تدريب الکوادر الفنية لتأهيلهم للقيام بالدور الإرشادي وکذا إعداد برامج تدريبية لهم تتضمن کافة الممارسات والمهارات الفنية المستحدثة في هذا المجال، بالإضافة الى توفير النشرات الإرشادية التي تساعد على تنمية معارف حائزي المزارع والأقفاص السمکية للتقنيات الفنية المستحدثة في مجال الإستزراع السمکي، وذلک من أجل النهوض بتنمية الثروة السمکية، لذا فإن الأمر يتطلب وجود جهاز إرشادي ذو کفاءة عالية لکي يستطيع تعليم وإقناع مربي الأسماک بإستخدام التقنيات المستحدثة في مجال الإستزراع السمکي لتطوير إنتاجهم وتحسين أحوالهم المعيشية.

وحيث أن غالبية حائزي المزارع السمکية والصيادين يتسمون بأنهم متمسکون بالأساليب التقليدية في حياتهم وذوي مستوى معيشي منخفض، وقد يکون منهم غير ملمين بالقراءة والکتابة، لذلک فإنه لايمکن تغيير خبراتهم في الإستزراع السمکي دون إقناعهم بأنهم سيحققون مکاسب عظيمة بأقل مجهود وأقل مخاطرة، Royce,1995:p414)).

 والإرشاد الزراعي يمکن أن يقوم بدور مهم في مجال تبني ونقل الأساليب والمبتکرات التکنولوجية السمکية الحديثة وتنمية وتطوير القوى البشرية العاملة بقطاع الثروة السمکية بإعتباره عملية تعليمية تستهدف إحداث تغييرات سلوکية مرغوبة تتناول المعارف والمهارات الذهنية والنفسية الحرکية وإتجاهات الأفراد کوسيلة لزيادة کفاءتهم وجدارتهم الإنتاجية، وبالتالي زيادة دخولهم وإرتفاع مستوى معيشتهم ( رضوان ، 1998، ص :31).

ويعتمد الإرشاد السمکي في أدائه على معظم الطرق الإرشادية المتعارف عليها إلا أنه يرکز على طرق الإيضاح العملي والمطبوعات الإرشادية والزيارات الميدانية حقلية أو منزلية لأنها أکثر مناسبة للإرشاد السمکي من باقي الطرق الإرشادية الأخرى ( الرافعي ،1991 ، ص :51).

الأسلوب البحثي:

التعريفات الإجرائية للمصطلحات البحثية:

1-  القفص السمکي العائم: يقصد به إطار (خشبي / بلاستيک) محاط بشبکة من الغزل وتحمله براميل بلاستيک للتعويم وأحجامه تختلف بإختلاف المجرى المائي المستخدم، وهي طريقة من طرق تربية الأسماک داخل حيز محدد موضوع في مجرى مائي داخلي يمکن السيطرة عليه بأقل التکاليف الممکنة.

2-     مربو الأسماک: يقصد بهم في هذا البحث کل من يحوز قفصاً سمکياً أو أکثر ويقع ضمن منطقة البحث.

3-     أعمار المبحوثين: يقصد في هذا البحث سن المبحوث حائز الاقفاص السمکية وقت إجراء البحث وذلک لأقرب سنة .

4-     المستوى التعليمي للمبحوث: يقصد في هذا البحث الحالة التعليمية وقت إجراء البحث من حيث أنه أمي أو عدد سنوات التعليم في مراحل (إبتدائي، إعدادي، ثانوي، جامعة) ويتم التعبير عنه بقيم رقمية.

5-  عدد سنوات الخبرة في مجال الإستزراع السمکي : يقصد به في هذا البحث عدد السنوات التي قضاها المبحوث في تربية الأسماک.

6-     عدد أفراد الأسرة : يقصد به في هذا البحث عدد أفراد أسرة المبحوث .

7-  عدد أفراد الأسرة العاملين في مجال الإستزراع السمکي : ويقصد به في هذا البحث عدد أفراد أسرة المبحوث الذين يعاونونه في مجال الإستزراع السمکي.

8-  حجم القفص بالمتر المکعب : يقصد به في هذا البحث حاصل ضرب أبعاد القفص الطول * العرض * العمق في المياه.

9-     الدخل السنوي من الإنتاج السمکي : ويقصد به في هذا البحث قيمة إنتاج الأسماک من الإنتاج السمکي سنوياً مقدرة بالدينار العراقى.

10-  السعة الحيازية للمبحوث من الأقفاص السمکية : يقصد به في هذا البحث کمية الأقفاص التي يمتلکها المبحوث مقدرة بقيمة عددية.

11-  متوسط إنتاج القفص من الأسماک : يقصد به في هذا البحث کمية الأسماک الموجودة في القفص مقدرة بالکيلو غرام .

12-  التعرض لمصادر المعلومات : يقصد به في هذا البحث مدى تعرض المبحوث للمصادر التي يرجع إليها عندما تواجهه مشکلة ما في مجال الإستزراع السمکي.

13-  الإتجاه نحو تربية الاسماک في الاقفاص السمکية : يقصد به في هذا البحث ميل وإستعداد المبحوث نحو فکرة تربية الأسماک في الأقفاص السمکية العائمة.

14-  المستوى المعرفي للمبحوثين فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک: يقصد به في هذا البحث حصيلة معارف المبحوثين حائزي الأقفاص السمکية العائمة محل الدراسة فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک.

الفروض البحثية:

لتحقيق أهداف هذا البحث تم صياغة الفرض البحثي التالي:  توجد علاقة إرتباطية بين المستوى المعرفي للمبحوثين فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک کمتغير تابع وبين کل المتغيرات المستقلة الآتية : أعمار المبحوثين، والمستوى التعليمي للمبحوثين، وعدد أفراد الأسرة، وعدد أفراد الأسرة العاملين في الإستزراع السمکي، والخبرة السمکية للمبحوثين، والدخل السنوي من الإنتاج السمکي، والسعة الحيازية من الأقفاص السمکية، ومتوسط إنتاج القفص، ومصادر المعلومات الزراعية السمکية للمبحوثين، وإتجاه المبحوثين نحو الإستزراع السمکي، ويتم إختبار هذا الفرض في صورته الصفرية (فرض العدم) التالية :"لا توجد علاقة إرتباطية بين المستوى المعرفي للمبحوثين فيما يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک کمتغير تابع وبين کل من المتغيرات المستقلة المدروسة کلاً على حده.

منطقة البحث:

وقع الإختيار على منطقة حوض نهر الغرَاف تحديداً کمنطقة لإجراء هذه الدراسة، وذلک لعدة إعتبارات منطقية کان من أهمها: أن هذه المنطقة تعتبر من المناطق الأکثر إنتاجاً من حيث الإستزراع السمکي بها کما أنها تقع في منطقة واسعة نسبياً حيث تشمل محافظتين من وسط وجنوب القطر، بالإضافة الى خبرة المزراعين في مجال الإستزراع السمکي، کما أن الجزء الأکبر منها يقع ضمن المنطقة التي ينتمي إليها الباحث مما يسهل عملية تجميع البيانات الميدانية بمزيد من الدقة، وإمکانية حصوله على الدعم الفني من السادة الباحثين المتخصصين في مجال الدراسة بسهولة مما يدعم صحة ودقة النتائج المتحصل عليها.

الشاملة والعينة:

تمثلت شاملة هذه الدراسة في جميع مربي الأسماک في أقفاص عائمة  بالمديريات والشعب الزراعية الموجودة في حوض نهر الغرَاف بالعراق وذلک من واقع سجلات المديريات والشعب الزراعية في تلک المناطق وقد بلغ عدد مربي الأسماک (123) مربي موزعين على المناطق التالية : منهم (20) مزارعاً في الکوت و(10) مزارعين في قضاء الحي وکذلک الى (11) مزارعاً في ناحية الموفقية، بالإضافة الى (15) مزارعاً في ناحية الفجر، وکذلک (12) مزارعاً في ناحية قلعة سکَر، کذلک وجود (17) مزارعاً في قضاء الرفاعي، ووجود (14) مزارعاً في ناحية النصر، ووجود (14) مزارعاً في قضاء الشطرة بالإضافة الى (10) مزارعين في ناحية الغرَاف، وقد تم أخذهم جميعاً عينة للدراسة وبذلک إنطوت الشاملة على العينة.

النتائج البحثية والمناقشة:

أولاً : بعض الخصائص الشخصية والإجتماعية الإقتصادية والإتصالية والنفسية المميزة لمربي الأسماک المبحوثين:

يتضح من جدول (1) ما يلي : أن غالبية المبحوثين من ذوي الأعمار الصغيرة  (48,8%) وتلک الفئة تتسم بالحيوية والنشاط وتقبل الممارسات الجديدة في مجال تربية وتغذية ورعاية الأسماک الأمر الذي من شأنه أن ينعکس على النهوض بمستوى الإنتاجية وإرتفاع مستوى دخولهم وتحسن أحوالهم المعيشية ، کما تبين إرتفاع نسبة التعليم بين المبحوثين (52%)، الأمر الذي يساعد کثيراً في تعلمهم وتقبلهم للتوصيات الإرشادية المرتبطة بتربية وتغذية ورعاية الأسماک الأمر الذي ينعکس على النهوض بمستوياتهم المعرفية وبالتالي تطور إنتاجيتهم من الأسماک ، وقد إتضح کبر السعة الأسرية للمبحوثين (57,7%) وقد يعزى ذلک الى رغبة المبحوثين إنجاب أعداد کبيرة بأسرهم لمساعدتهم في الأعمال المزرعية السمکية الأمر الذي قد يشجع على التوسع في مساحات الإستزراع السمکي ، في حين تبين إرتفاع نسبة العمالة الأسرية في الإستزراع السمکي(43,1%) الأمر الذي قد يساعد کثيراً في تطور إنتاجية الأسرة من الأسماک لتحسين دخولهم وتطور أحوالهم المعيشية ، وقد اتضح أن غالبية المبحوثين ذوي خبرة متوسطة (43,9%) ، في مجال الإستزراع السمکي، وهذا من شأنه أن يؤدي الى تقبلهم الکثير من الممارسات المرتبطة بتربية وتغذية ورعاية الأسماک وتطبيقهم لها في الواقع الميداني، وبالتالي إمکانية تحقيق معدلات إنتاجية عالية ، کما اتضح أن غالبية المبحوثين من ذوي الدخول المتوسطة (76,4%) الأمر الذي يساعد المبحوثين کثير من الإنفاق وتلبية الإحتياجات النقدية اللازمة للإنتاج ، وهذا من شأنه أن يشجع المبحوثين على تقبل المبتکرات الإنتاجية السمکية الجديدة وبالتالي تطبيقهم لها في الواقع الميداني ، وتبين إنخفاض السعة الحيازية من الأقفاص السمکية لدى المبحوثين( 56,1%) الأمر الذي من شأنه أن ينعکس على إنخفاض إنتاجيتهم من الأسماک وبالتالي إنخفاض دخولهم، ويتطلب الأمر من الجهات المعنية تدعيم مربي الأسماک بتوفير مستلزمات المزارع السمکية، وأيضاً إمدادهم بالمعارف والتوصيات الإرشادية السمکية والتي تمکنهم من التوسع في مزارعهم ، کما تبين أن متوسط إنتاجية قفص الأسماک لدى غالبية المبحوثين ذوي مستوى إنتاج متوسط ومرتفع (41,55)، (42,3%) الأمر الذي يشجع کثيراً على إمکانية مزاولة المبحوثين لهذا النشاط الإنتاجي الحيوي، وأيضاً إمکانية التوسع في حجم المزارع السمکية وماتحتويه من أقفاص ، وقد لوحظ أن غالبية المبحوثين من ذوي مستوى متوسط (73,2%) بالنسبة لمصادر المعلومات السمکية  التي يرجعون اليها فيمل يرتبط بتربية وتغذية ورعاية الأسماک وهذا من شأنه أن يساعد کثيراً في التغلب على المشاکل التي تعترض تربية الأسماک ، کما وتبين أن غالبية المبحوثين ذوي إتجاه محايد نحو الإستزراع السمکي (71,5%) الأمر الذي يتطلب من الجهاز الإرشادي السمکي إمداد الزراع بالتوصيات الإرشادية السمکية التي تدعم إتجاهاتهم الإيجابية نحو الإستزراع السمکي ، وبالتالي تقبلهم للتوصيات الإرشادية السمکية وتبنيهم لها مما ينعکس على النهوض بمستوياتهم الإنتاجية السمکية .

جدول (1): توزيع المبحوثين وفقاً لخصائصهم الشخصية والإجتماعية الإقتصادية والإتصالية والنفسية

المصدر : جمعت وحسبت من بيانات عينة الدراسة        *العدد = 123

ثانياً: المستوى المعرفي لمربي الأسماک المبحوثين:

يتضح من جدول رقم (2) أن ما يقرب من نصف المبحوثين من صغار السن ، الأمر الذي يساعدهم کثيراً في أداء الأعمال المزرعية السمکية ، وأن غالبية المبحوثين ذوي مستوى تعليمي متوسط ومرتفع مما يساعد المبحوثين على الإستفادة من التوصيات الإرشادية السمکية ، هذا بالإضافة الى غالبية المبحوثين تزيد خبرتهم السمکية عن عشرون عاماً وبالتالي لديهم الخبرة الکافية بزراعة الأسماک ، وأن غالبية المبحوثين ذوي مستويات دخلية متوسطة مما يساعد کثيراً في تلبية مستلزمات الإنتاج السمکي ، وأن أکثر من نصف المبحوثين ذوي إتجاهات محايدة نحو الإستزراع السمکي الأمر الذي يتطلب الإهتمام بمربي الأسماک وإمدادهم بالمعارف والمهارات المرتبطة بتربية وتغذية ورعاية الأسماک وما يترتب على ذلک من تغيير إتجاهاتهم المحايدة الى الإتجاهات الإيجابية ، وبالتالي إمکانية تحقيق معدلات إستفادة عالية من التوصيات السمکية التي يقدمها الإرشاد الزراعي ، وما يترتب على ذلک من زيادة إنتاجهم ودخولهم .

جدول رقم (2) : توزيع مربي الأسماک وفقاً لفئات مستواهم المعرفي

المصدر : جمعت وحسبت من بيانات عينة الدراسة                 *العدد = 123

ثالثاً: العلاقات الإرتباطية بين کل من المتغيرات المستقلة المدروسة وبين المستوى المعرفي للمبحوثين کمتغير تابع:

جدول رقم (3) : يوضح توزيع المتغيرات المستقلة وفقاَ لعلاقاتها الإرتباطية البسيطة مع المستوى المعرفي للمبحوثين کمتغير تابع

 *معنوي عند المستوى الإحتمالي (0,05)                  **معنوى عند المستوى الإحتمالي (0,01)

يتضح من جدول رقم (3)  وجود علاقة إرتباطية معنوية طردية بين متغير المستوى المعرفي لمربي الأسماک کمتغير تابع وبين کل من : أعمار المبحوثين، المستوى التعليمي، عدد أفراد الأسرة، عدد أفراد الأسرة العاملين في الإستزراع السمکي، الخبرة السمکية للمبحوثين، الدخل السنوي من الإنتاج السمکي، السعة الحيازية من الأقفاص العائمة، متوسط إنتاج القفص، مصادر المعلومات الزراعية السمکية للمبحوثين، إتجاه المبحوثين نحو الإستزراع السمکي ، وبهذا يمکن رفض الفرض الصفري أو الإحصائي وقبول الفرض الأصلي أو البحثي.

رابعاً: المشکلات التي تواجه مربي الأسماک المبحوثين من وجهه نظرهم:

ترجع أهمية دراسة المشکلات التي تواجه مربي الأسماک المبحوثين بهذه الدراسة إلى أن تضع أمام متخذي القرار صورة مکتملة عن أهم المعوقات التي تحول دون إکتمال الخدمات التي توجه إليهم، وتنعکس آثارها سلباً على العملية الإنتاجية بالنسبة للأسماک، وبالتالي تؤثر على العوائد التي يمکن أن تعود على المربي نتيجة حل هذه المشکلات .

 وقد أسفرت النتائج عن وجود ست مشکلات وهي المشکلات التي تکرر ذکرها من غالبية المبحوثين وکانت حسب ترتيبها کما يلي :  عدم إنعقاد الدورات الخاصة بالإنتاج السمکي وقد ذکرها (88,61 %) من المبحوثين، ثم جاء بعدها عدم تقديم القروض الميسرة لمربي الأسماک وقد ذکرها ايضاً (88,61 %) من المبحوثين، يليها عدم توفير الأعلاف وخفض أسعارها وقد ذکرها (82,92%) من المبحوثين، يليها عدم توفير الإصبعيات وخفض أسعارهاوقد ذکرها (74,79 %) من المبحوثين، ثم جاء بعدها عدم توفير المواد الأولية في الأسواق المحلية وقد ذکرها (69,10%) من المبحوثين، وجاء بالترتيب الأخير لتلک المشکلات التمسک بتطبيق الروتين الحکومي وقد ذکرها (43%) من المبحوثين جدول رقم (16).

جدول رقم (4) : ترتيب المشکلات التي تواجه مربي الأسماک المبحوثين وفقاً لأهميتها النسبية بالنسبة لهم