تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة في مصر:دراسة باستخدام منهجية الانحدار الذاتي للفجوات الزمنية الموزعة

مستخلص:

يهدف هذا البحث إلى اختبار تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة في مصر خلال الفترة من مارس2016 وحتي ابريل 2020 وباستخدام نموذج ARDL)) نموذج الإنحدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة، أظهرت النتائج وجود علاقة عکسية بين کل من عجز الموازنة کمتغيرتابع وضريبة القيمة المضافة کمتغير مستقل خلال فترة الدراسة، على الرغم من ان جمهورية مصر العربية طبقت ضريبة القيمة المضافة بمعدل ضريبي واحد على مجموعة من السلع والخدمات بنسبة 13% عام 2016 والتي اصبحت 14% عام 2017 وهذا ماجاء مغاير لتجارب الدول الناجحة فى تطبيق الضريبة حيث ان هذه الدول قامت بتطبيق الضريبة بمعدلات مختلفة وفقاً لطبيعة السلع والخدمات المطبقة عليها ووفقاً للضغط الضريبي للدولة .

کلمات مفتاحية: عجز الموازنة العامة،ضريبة القيمة المضافة، نموذج الإنحدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة.

Abstract:

This research aims to test the Impact of the implementation of value-added tax on the public budget deficit in Egypt during the period from March 2016 to April 2020 using the ARDL model.

The results of the research showed that there is an inverse and statistically confirmed relationship (less than 0.05) between budget deficit as a follow-up variable and value added tax as an independent variable during the study period.

despite the implementation of the Arab Republic of Egypt Vat at a single tax rate on a group of goods and services with 13% in 2016, which became 14% in 2017, and this is different from the successful experiences of countries That implementing the tax, as these countries applied the tax at different rates according to the nature of the goods and services applied to them and according to the tax pressure of the state.

Key Words: Budget Deficit-   Value-Added Tax- ARDL Model.

مقدمة :

تعاني مصر من عجز هيکلي مستديم في موازنتها العامة بشکل مستمرومتزايد وذلک يرجع إلي العديد من الأسباب والتي من أهمهاانخفاض حصيلة الإيرادات الضريبية. حيث تؤکد نتائج تنفيذ الموازنة العامة أن متوسط حصيلة الإيرادات الضريبية في مصر يتراوح حول 15% کنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. في حين تشير الإحصاءات الصادرة عن البنک الدولي أن تلک النسبة في بعض دول شرق أورباوالتي بدأت مع مصرمراحلها التنموية، تتراوح حول 17% ،20% ، الأمر الذي يعني أن حصيلة الإيرادات الضريبية في مصر تقل بما يعادل من 2% إلى 5% من الناتج.                   ( البدويهي ,2014: 149).

لذلک يعد عجز الموازنة العامة للدولة من المشکلات الاقتصادية التي يهتم بها صانعي السياسات الاقتصادية لأن نجاح هذه الدول يقاس بمدى نجاح سياساتها المالية والاقتصادية (مرسي،2021: 361) لما لها من أثار على النشاط الاقتصادى إضافة إلى أثارها المختلفة على الاختلالات الهيکلية بالاقتصاد الکلى، لذا تلجأ الدول لتوفير التمويل الآمن لتغطية العجز من خلال استخدام أفضل طرق وأساليب التمويل التي لا تؤثر سلباً على المُتغيرات الاقتصادية وخاصة معدلات التضخم والنمو الاقتصادى وتوزيع الدخل القومى.

وإن کانت هناک أدوات وسياسات اخرى يمکن استخدامها  لتمويل عجز الموازنة, سواء السحب من الاحتياطيات النقدية أو الأقتراض الداخلى والخارجي بخلاف ترشيد الإنفاق العام، بالإضافة إلي التغيرات التي تحدث في الايرادات العامة  وما ينتج عنها من عدم استقرار في البلدان النامية نتيجة تأثر الهيکل العام للضرائب بالتدفقات الانمائية والمساعدات الخارجية المقدمة لهذه الدول. فعند زيادة حجم تلک التدفقات الانمائية قد يتم تجاهل الاصلاحات الضريبية التي تعتبر المصدر الهام للايرادات العامة. ومن ثم يحدث کثير من الخلل في الموازنة العامة للدولة فتأتي نتائج المساعدات الخارجية للدول النامية بعکس ما هو متوقع Brun el al,2019: 3)  ).

لذا فإن تطور النظام الضريبي بصفة عامة أدى إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة, والتى تختلف فى طرق تطبيقها من دولة لأخري ومن وقت لآخر باختلاف النظم الاقتصادية المطبقة فى الدولة، کما تختلف الآثار الاقتصادية الناتجة عن تطبيقها باختلاف مراحل النموالاقتصادى  للدولة، ومدى کفاءة سياستها المالية وقدرتها على التأثير في الأوضاع الاقتصادية المختلفة، کما أن الجهاز الضريبى المتطور والکوادر البشرية المُؤهلة لمواکبة هذا التطور من العوامل المؤثرة أيضاً في التطبيق.

     لذا تبرز أهمية دراسة ضريبة القيمة المضافة فى زيادة ﺍﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕ الضريبية؛ الأمر الذى ينعکس على الموازنة العامة.

وتمثلت فرضية البحث فى التالي:

"هناک علاقة طردية ومعنوية بين ضريبة القيمة المضافة وعجز الموازنة العامة للدولة فى مصر". ومن هنا يتمثل هدف البحث في التعرف على تأثير ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة في مصر واختبارمدى صحة أو خطأ الفرضية. وتعتمد منهجية البحث على المنهج الاستنباطي لتحديد طبيعة العلاقة بين ضريبة القيمة المضافة وعجز الموازنة العامة للدولة من خلال عرض الاطار النظري لموضوع البحث واستعراض الدراسات السابقة ثم استخدام الأسلوب القياسي لاختبار الفرضية من خلال نموذج ARDL))Autoregressive Distributed Lag Model   نموذج الإنحدار الذاتي لفترات الإبطاء الموزعة.

وفيما يلي يتم الاشارة إلى مجموعة من أهم الدراسات السابقة التي اعتمد عليها البحث والتي أجريت في هذا الاطار وتناولت تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على النشاط الإقتصادي بصفة عامة, ومنها ما يتعلق بتمويل تلک الضريبة على عجز الموازنة العامة للدولة, نذکر منها على سبيل المثال لا الحصرما يلى:

الدراسات السابقة:

دراسة (مهاجر,2018) بعنوان الضریبة على القیمة المضافة وفاعلیة تحصیلها وأثرها في الایرادات العامة بالسودان": دراسة تطبیقیة للفترة(2011-2015)،

   هدفت الدراسة لقیاس وتحدید فاعلیة تحصیل إيرادات الضریبة على القیمة المضافة وبیان أثر زیادة سعر الضریبية على حجم  إيراداتها کنسبة إلى الإیرادات العامة بالسودان من خلال قیاس وتحدید فاعلیة تحصیل إيرادات الضریبة على القیمة المضافة.وکذلک کشف حجم الضریبة على القیمة المضافة فى الإیرادات الضریبیة.وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها ان الضريبة على القيمة المضافة تحصل بفاعلية فى السودان. کما تشکل حجم إيرادات الضريبة على القيمة المضافة نسبة کبيرة من الإيرادات العامة، وذلک لاعتماد السودان على الضرائب غير المباشرة بصورة کبيرة.

وجاءت (دراسة عيد 2018) بعنوان تطبيق ضريبة القيمة المضافة  لتوضح ماهية ضريبة الـقيمة المضافة بالإضافة إلى التعرف على الخطوات الاساسية الواجب على المنشأت الاقتصادية اتباعها لتطبيق ضريبة القيمة المضافة على نحو کفء وفعال.  وخلصت نتائج الدراسة إلى ان ضريبة القيمة المضافة يتم تحميلها على کل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد"Supply Chain"  وبالتبعيه فإن المستهلک النهائي هو الذي يتحمل عبءها بالکامل.

وخلصت (دراسة عبد القادر 2018) بعنوان مکافحة التجنب الضريبي الدولي في ضوء أنشطة الاقتصاد الرقمي: هل هو ضرورة أم رفاهية لوجود أدلة على ان القواعد الضريبية التقليدية باتت لا تناسب طبيعة أنشطة الاقتصاد الرقمي وهناک ضرورة للتحول نحو القواعد الضريبية الرقمية لمواکبة التغيرات التکنولوجية الرقمية العالمية المتسارعة، حيث تقلصت العوائد الضريبية على نحو واضح خلال السنوات القليلة نتيجة اتباع القواعد الضريبية التقليدية على ضرائب  الدخل والقيمة المضافة، لذلک يتعين على الدول النامية ومنها مصر إتخاذ العديد من الإجراءات اللازمة لرفع کفاءة تحصيل الضريبة من خلال تطوير قدرات الإدارات الضريبية وإکسابها المرونة في التعامل مع التطورات التکنولوجية الحديثة .        

وهدفت دراسة  ( Dijkstra  2013)بعنوان  The influence of the VAT increase on consumer prices إلى تحليل آثار ضريبة القيمة المضافة على اسعار المستهلکين.وتوصلت نتائج الدراسة إلى ان تغيير معدل ضريبة القيمة المضافة أدي إلى تحول عبء الزيادة في ضريبة القيمة المضافة إلى اسعار المستهلکين الأمر الذى ادي إلى ارتفاع معدل التضخم، ومن المعروف  اقتصادياً أن الدرجة التي يمکن بها تغيير معدلات ضريبة القيمة المضافة ونقلها إلي اسعار المستهلکين تعتمد على عدة عوامل مثل المنافسة في السوق ومرونة العرض والطلب.

وحاولت دراسة( Tripathi  el al 2011)  بعنوان The Effect Of Value Added Taxes On The Indian Society الاجابة على السؤال التالي هل تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الهند يعزز الرخاء والرفاهية للمجتمع الهندي ام لا بإعتبار الهند دولة نامية ؟  والتعرف على اثر تطبيق ضريبة القيمة المضافة على مستقبل الصناعات والخدمات في الهند . وتوصلت نتائج الدراسة إلى ان تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الهند له العديد من الآثار السلبية والايجابية وتتمثل الاثار الايجابية في زيادة القوة الشرائية للطبقات العليا ذات الدخول المرتفعة وزيادة معدل النمو الاقتصادي للدولة على المدى الطويل أما الاثار السلبية فتتمثل في عدم قدرة محدودي الدخل من الطبقات الفقيرة على الوفاء  باحتياجاتهم الاساسية مما سيدفعم للبحث عن عمل  إضافي لسد احتياجاتهم الاساسية.

وعلى اثر نتائج الدراسة السابقة قامتدراسة ( Cline  et al, 2010)  بعنوان  The Macroeconomic Effects of an Add-on Value Added Tax بتحليل آثار الاقتصاد الکلي لتطبيق ضريبة القيمة المضافة للحد من عجز الموازنة والدين الحکومي في الولايات المتحدة الامريکية.وتوصلت الدراسة إلى ان تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الولايات المتحدة الامريکية سيوثر على الاقتصاد الکلي والنشاط الاقتصادي الأمريکي سواء على المدى القصير او الطويل حيث اشارت الدراسة إلى ان تطبيق ضريبة القيمة المضافة له العديد من الآثار الايجابية والتي من أهمها زيادة معدل الادخار فى المدى القصير والاستثمار المحلي فى المد الطويل الا ان تطبيقها يتبعة العديد من الاثار الاقتصادية السلبية مثل انخفاض معدل الاستهلاک بنسبة تصل في السنة الاولي للتطبيق إلى حوالي 1،6% وتصل في السنة الثانية إلى 1،1% وبالتالي انخفاض الانتاج المحلي وزيادة معدل البطالة في المدى القصير بما يقرب بمعدل 6% وينخفض ذلک المعدل في المدى الطويل.

      وقد اقترن تمويل عجز الموزانة العامة للدولة بتطور النظم الضريبية المختلفة وضريبة القيمة المضافةً لما لها من آثار مباشرة ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕ العامة, حيث اثبتت العديد من الدراسات اثر ضريبة القيمة المضافة في تمويل عجز الموازنة العامة , وکذا أثارها على النشاط الاقتصادى, لذلک فدراسة ﺍﻟﺘﻭﺠﻬـﺎﺕ والتطبيق الأمثل لها يعد أمراً محورياً, لما لها من أثار ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ الکلي.

وبعد عرض الدراسات السابقة يتم عرض باقي أجزاء البحث والتي تتکون من ثلاثة أجزاء ويعرض الجزء الاول الاطار النظري لضريبة القيمة المضافة وعجز الموازنة العامة في مصر ، ويتمثل الجزء الثاني في النموذج القياسي المستخدم لقياس العلاقة بين متغيرات البحث ويحتوي الجزء الثالث  والاخير النتائج والتوصيات التي توصل إليها البحث.

1/ ضريبة القيمة المضافة وعجز الموازنة العامة في مصر.

يعاني الاقتصاد المصري من زيادة عجز موازنته نتجية العديد من الاسباب والتي من أهمها وجود فجوة ضريبية وعدم تطبيق سياسات مالية فعالة للحد من عجز الموازنة، لذلک اثبت اصلاح النظام الضريبي أهميتة کأحد العوامل المساهمة في ضبط أوضاع المالية العامة وتخفيض عجز الموازنة .(عبد الحميد،2013.:311

وقد وصل عجز الموازنة العامة خلال الفترة من عام 2007/2008 إلى عام 2020/2019  نحو 61,1 مليار جنيه ثم ارتفع أکثر من أربعة عشر مرة إلى ان وصل عام 2019/2020 بنحو 445,1 مليار جنيه . (وليم،2021: 70-73)

وذلک کان راجع إلى العديد من الاسباب أهمها، انخفاض نسبة الضرائب المحصلة إلى الناتج القومي الإجمالي والتي بلغت حوالي ١٣% بما فيها الحصيلة الضريبية على الإيرادات السيادية، وحوالى7 %بعد استبعاد الضريبة على الإيرادات السيادية في العام المالي ٢٠١٥/٢٠١٦، يعد مؤشرا قويا على حاجة الإدارة الضريبية إلى الإصلاح الضريبي، ويتمثل إصلاح النظام الضريبي في ضرورة تطبيق سياسات ضريبية أفضل من رفع معدلات الضرائب والمتمثلة في توسيع القواعد الضريبية بحيث تشتمل على شريحة اکبر من السلع والخدمات واصلاح الإدارة الضريبية، لذلک قامت مصر بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بأعتبارها أحد انواع الضرائب غير السيادية التى تعد الضريبة المثلى لتمويل الخزانة العامة والتى تعد تخفيضاً حقيقياً للفجوة الضريبية لأنها تعکس ارتفاع نسبة الالتزام الضريبى.(عبد القادر،24-30).

ويتمثل تطبيق القيمة المضافة لتحقيق الفاعلية لغرض تمويل عجز الموازنة في هذه الأسباب (عويس 2016،، ص 32-33.).

-       الحاجة الملحة لزيادة الايرادات نظراَ لتراجع حصيلة الضريبة العامة على المبيعات خلال السنوات الأخيرة لغرض احتواء العجز المرتفع والمتزايد في الموازنة العامة للدولة، والذي بلغ 14% من الناتج المحلي الإجمالى.

-       زيادة قاعدة المُکلفين وتنامي عدد السلع والخدمات التي تفرض عليها الضريبة حيث اتسعت قاعدة الخضوع لتطال عدد کبير منها.

-       التوافق مع التوجيهات الدولية والاقليمية حيث الخفض التدريجي للرسوم الجمرکية لصالح حرکة السلع والخدمات مما يستوجب وجود بديل آخر لدعم الموارد العامة.

-       تحسين الکفاءة الإدارية للنظام الضريبي المصري بالتنسيق مع ضريبة الدخل من خلال رقم التسجيل الضريبي الموحد والذي يؤدي إلى ضبط بيئة الخضوع بين الدخل والقيمة المُضافة.

-       التخلص من اعباء قانون الضريبة على المبيعات نتيجة تراکم مشکلات التطبيق وصدور عدة احکام بعدم دستورية بعض مواده .

حيث يعد الهدف الاساسي من تشريع قانون الضريبة على القيمة المضافة هو علاج تشوهات قانون ضريبة المبيعات من حيث دعم حقوق الخزانه العامة للدولة، وذلک بالإستفادة من نطاق إستحقاقها الذي يشمل جميع مراحل الإنتاج حتى وصولها للمستهلک النهائى (لطفي،2016:ص ص7-8).

حيث تفرض ضريبة القيمة المُضافة على کل مراحل الإنتاج والتداول من بيع وتوزيع وحتي البيع بالتجزئة. ويُسمَح للشرکات التي تقوم بجمع الضريبة بخصم الضريبة التي تحملوها على مُدخلات إنتاجهم من الضريبة التي قاموا بتحصيلها على مبيعاتهم النهائية من السلع والخدمات، ويتم تطبيق آليات خصم الضرائب على المُدخلات واسترداد الضريبة بإستخدام الفواتير في أغلب دول العالم. کما يتم فرض الضريبة بسعر (صفر) على الصادرات (Hadi  el al.2016:p-p1-12),

وجدير بالذکر في هذا السياق، أن صياغة قانون ضريبة المبيعات يأتي على النقيض من الأسلوب الذي يصاغ قانون ضريبة القيمة المضافة في دول العالم. حيث تظهر صياغة قوانين ضريبة القيمة المضافة في مُختلف دول العالم بأنها تُفرض على کافة العمليات الاستهلاکية للسلع والخدمات في کل القطاعات فيما عدا القطاع الزراعي ، الخدمات المالية وقطاع البنوک،التعليم والرعاية الصحية، الثقافة والسلع             الرأسمالية( Israel & el al 2015: p.p: 277-287).

2/نموذج ARDLلقياس تأثير ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة فى مصر:

    بناءً على ما تم عرضه من ضرورة تطبيق ضريبة القيمة المضافة بإعتبارها واحدة من أهم الاصلاحات الضريبية التي ساهمت في العديد من الدول في تخفيض عجز الموازنة العامة .فقد تم اختيار نموذج ARDL لقياس تأثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة في مصر نظراً لعدم استقرار متغيرات النموذج من نفس الدرجة.

21/ متغيرات النموذج :

تم اختيار متغيرات النموذج للفترة من مارس 2016 وحتي ابريل 2020، وتمثلت متغيرات النموذج في الآتي:

BD = F (VAT, INT, PRO.T,CUTOM.T, INF, EXR)

جدول (1) وصف متغيرات النموذج الاحصائي

 وهي تمثل المتغيرات التي تناولتها  معظم الادبيات الاقتصادية وفقاً لما ورد في النظرية الاقتصادية.

2/2 اختبارات نموذج ِARDL

يعد اختبار جذر الوحدة من أهم اختبارات التحليل الاحصائي، والذي يمکن عن طريقة التعرف على مدي سکون المتغيرات في المدي القصير، والوقوف على ما إذا کانت السلاسل الزمنية للمتغيرات ساکنة عند مستوياتها او عند حساب الفروق الأولى لها , وحسب طبيعة نمو السلسلة الزمنية يجب أن نميز بين سلاسل زمنية ساکنة series time s  static وسلاسل زمنية غير ساکنة Non static series.

2/1/2 اختبار استقرار السلاسل الزمنية (اختبار جذر الوحدة Unit Root Test للسلسلة الزمنية بطريقة P.P. (Phillips – Perron test ).

 من اختبار ADF نجد ان السلسلة الزمنية لمتغير عجز الموازنة مستقرة عند المستوي وفي وجود قاطع.وبإجراء اختبار P.P(Phillips-Perron) فقد تطابقت النتائج مع اختبار ADF.أيضا وبإجراء اختبار Correlogram فقد أوضحت النتائج أن Q-stat جاءت غير معنوية مما يعني استقرار السلسلة الزمنية عند المستوي.

 بإجراء کافة الاختبارات لمتغيرات ضريبة القيمة المضافة والضريبة على الدخل             و الضريبة علي الجمارک تبين أن السلسلة الزمنية مستقرة عند المستوي وفي وجود قاطع واتجاه أيضا وبإجراء اختبار Correlogram فقد أوضحت النتائج أن Q- stat جاءت غير معنوية مما يعني استقرار السلسلة الزمنية عند المستوي. باجراء کافة الاختبارات تبين أن السلسلة الزمنية لمتغير الضريبة علي الجمارک مستقرة عند المستوي مع  وجود قاطع واتجاه. وبإجراء کافة الاختبارات تبين أن السلسلة الزمنية لمتغيرات معدل التضخم وسعرالصرف مستقرة عند الفرق الأول مع عدم وجود قاطع واتجاه .

2/2/2- إختبار التکامل المشترک Co-integration

جدول رقم (2) نتائج إختبار التکامل المشترک Co-integration

المصدر :من إعداد الباحث بالاعتماد على مخرجات برنامج (9 Eviews.)

 من نتائج  Cointegrating Form  يلاحظ أن  معامل تصحيح الخطأ (CointEq(-1))  قد جاء  سالباً ومعنوياً -1.470031) عند مستوي معنوية أقل من 0,05) مما يعني وجود علاقة في الأجل الطويل، بمعني أن 147% من أخطاء الأجل القصير يمکن تصحيحها في وحدة الزمن (شهر واحد) حيث أن البيانات شهرية من أجل الوضع التوازني طويل الأجل.

کما توضح نتائج جدول Long Run Coefficients معاملات المتغيرات المستقلة في معادلة التکامل المشترک على المدي الطويل حيث يلاحظ الآتي:

ان معاملات متغير سعرالصرف والضريبة على الدخل جاء موجب ومعنوي، أي توجد علاقة طردية وغيرمؤکدة احصائياً (عند مستوي معنوية أقل من 0,05) بين متغير سعر الصرف کمتغير مستقل وعجز الموازنة کمتغير تابع.

وجاءت نتائج معامل متغير التضخم سالب ومعنوي، بمعني أنه توجد علاقة طردية مؤکدة إحصائيا (عند مستوي معتوية أقل من 0,05) بين متغير التضخم کمتغير مستقل وعجز الموازنة کمتغير تابع.

وجاءت معاملات متغيرات الضريبة على الجمارک والضريبة على الممتلکات سالبة وغير معنوية، بمعني أنه توجد علاقة عکسية (عند مستوي معنوية أقل من 0,05) بين متغير الضرائب على الجمارک کمتغير مستقل وعجز الموازنة کمتغير تابع.

وقد جاء معامل متغير VAT سالب ومعنوي، بمعني أنه توجد علاقة عکسية مؤکدة إحصائيا (عند مستوي معتوية أقل من 0,05) بين متغير ضريبة القيمة المضافة کمتغير مستقل وعجز الموازنة کمتغير تابع.

2/3/2- اختبار الحدود Bound Test

            جدول رقم (3) نتائج اختبار الحدود

المصدر :من إعداد الباحث بالاعتماد على مخرجات برنامج (9 Eviews.)

بما أن قيمة F=  14.22080 (Walt Value) وهي أکبر من قيمة الحد الأعلي  لقيمة F الجدولية عند مستوي 0,01 فإننا نرفض الفرض العدم ونقبل الفرض البديل القائل بأن هناک علاقة طويلة الأجل بين المتغيرات المفسرة والمتغير التابع عند مستوي دلالة 0,05.

2/4/2 إختبار LM:

 للتأکد من جودة النموذج المستخدم في التحليل و خلوه من المشاکل القياسية، تم إجراء الإختبارات التشخصية test Diagnostic وفقاً لإختبار(LM) Lagrange Multiplier Statistic  .

- Breusch-Godfrey Serial Correlation LM Test:اختبار الإرتباط التسلسلسي                                                                                                                  

المصدر :من إعداد الباحث بالاعتماد على مخرجات برنامج (9 Eviews.(

بما أن F-statistic غير معنوية، کما أن قيمة D.W =1.997355  فإننا نقبل الفرض العدم ونرفض الفرض البديل بمعني أنه لا يوجد إرتباط ذاتي تسلسلي بين الأخطاء.

2/2/5- إختبارثباتالتباينالمشروط Autoregressive Conditional Heteroscedasticity

المصدر :من اعداد الباحث بالاعتماد على مخرجات برنامج (9 Eviews.(

توضح نتائج الجدول السابق بأن قيم کل من R² , F   قد جاءت غير معنوية مما يعني بأنه لا توجد مشکلة إختلاف تباين بالأخطاء بمعني أن تباين الأخطاء متجانس.

2/2/6 اختبار إستقرار المقدرات

يقوم هذا الإختبار بالتعرف على استقرار المعاملات الآجلين القصير والطويل أي خلو البيانات المستخدمة فى الدراسة من وجود اي تغيرات هيکلية فيها عبر الزمن.

الشکل رقم(1) شکل إستقرار المقدرات

يتضح من نتائج الشکل رقم(1) أن المعاملات المقدرة لنموذج ARDL المستخدم مستقر هيکلياً عبر الفترة محل الدراسة مما يؤکد وجود إستقرار بين متغيرات الدراسة             وإنسجام في النموذج بين نتائج تصحيح الخطأ في المدى القصيروالطويل ،کما يوضح أن المقدرات ثابتة عبر الزمن بفترة ثقة بلغت نحو 95%، مما يؤکد على إستقرار معلمات (مقدرات)النموذج عبر الزمن.

3/النتائج والتوصيات:

توصلت نتائج البحث إلى أهمية تطبيق ضريبة القيمة المضافة بأعتبارها أحد العوامل المؤثرة في عجز الموازنة العامة فى مصر وبناء على المنهجية المتبعة خلال هذا البحث تم الوقوف على من النتائج والتوصيات .

3/1 النتائج:

تحقيقا للهدف الاساسي من البحث لاختبار مدى صحة أو خطأ الفرضية والتعرف على مدى تاثير تطبيق ضريبة القيمة المضافة على عجز الموازنة العامة في مصر خلال الفترة من مارس2016- وحتي ابريل 2020 باستخدام نموذج ARDL)) Autoregressive Distributed Lag Model   نموذج الإنحدار الذاتي للإبطاء الموزع، فقد خلصت نتائج البحث إلى وجود علاقة عکسية ومؤکدة إحصائياً (أقل من 0,05) بين کل من (عجز الموازنة) کمتغيرتابع و(ضريبة القيمة المضافة) کمتغير مستقل خلال فترة الدراسة. على الرغم من تطبيق جمهورية مصر العربية الضريبة بمعدل ضريبي واحد على مجموعة من السلع  والخدمات بنسبة 13% عام  2016 والتي اصبحت 14% عام 2017 وهذا ماجاء مغاير لتجارب الدول الناجحة فى تطبيق الضريبة حيث ان هذه الدول قامت بتطبيق الضريبة بمعدلات مختلفة وفقاً لطبيعة السلع والخدمات المطبقة عليها ووفقاً للضغط الضريبي للدولة ، فمن نتائج التحليل الاحصائي تبين إن هناک ضرورة لاستکمال خطة الاصلاح الضريبي التي اتبعتها وزارة المالية بالإضافة إلى ضرورة تطبيقها على شريحة أکبر من السلع والخدمات وبمعدلات مختلفة تتناسب مع طبيعة السلع والخدمات، بالإضافة إلى تطبيقها على جميع الخدمات الالکترونية ومراعاة الضغط الضريبي للدولة.

3/2 التوصيات:

   في ضوء ما اشارت إليه نتائج البحث فإن هناک مجموعة من التوصيات الخاصة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بما يخفض عجز الموازنة العامة في مصر.

- العمل على التغلب على الصعوبات التي تواجه التوسع فى تطبيق ضريبة القيمة المضافة والتي من أهمها عدم توافر بنية تحتية تکنولوجية مناسبة، عن طريق تطوير نظام التحصيل الآلي من خلال استخدام تکنولوجيا المعلومات لرفع کفاءة الإدارة الضريبية والتحصيل الضريبي، وکذلک سد ثغرات التهرب والتجنب الضريبي من خلال تجميع کافة أماکن تحصيل الضرائب بما فيها تحصيل ضريبة القيمة المضافة في مکان واحد، ، الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق الأنضباط المالي، وبالتالي زيادة الايرادات الضريبية.

- تضمن منظومة الاصلاح الضريبي تسهيلات اکبر على الضرائب لدمج الاقتصاد الغير رسمى في الاقتصاد الوطني الرسمى ، والإلغاء التدريجي للإعفاءات غير المبررة .

-التدرج في التوسع والانتقال لمعدلات اعلى من ضريبة القيمة المضافة لتجنب حدوث ارتفاع معدل التضخم مع مراعاة الدولة المقدرة التکليفية للاقتصاد القومي، وتعين الضغط الضريبي بالقدر الذي لا يمس اعتبارات العدالة والاستقرار الاقتصادي للدولة.

-تطبيق نظام الاسترداد الجزئي وليس الکامل على المدخلات المستخدمة في إنتاج سلع التصدير، بما لا يضر بحصيلة الايرادات الضريبية ويخفف من العبء الضريبي على تلک المنتجات، مع إعفاء بعض السلع الرأسمالية بشکل کامل من الضريبة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية وما يتطلبه ذلک من تحفيز للاستثمار بجميع صوره وأشکاله