أثر تطبيق نموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد على مستوى دقة قياس تکلفة المنتجات فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار.

مقدمة:

تتطلب زيادة حدة المنافسة بين المنشآت على المستوى المحلى والإقليمى والدولى قصر دورة حياة المنتج والتوقع المستمر لمتطلبات العملاء من المنتجات، وسرعة التغير فى بيئة الاعمال لمواجهة التحديات التى تواجهها المنشآت، ومن ثم، تنظر المنشآت الى الابتکار کآداه اساسية للبقاء فى المنافسة.

 ومع زيادة معدلات الإبتکار فى المنشآت وبالتالى تصميم العديد من المنتجات التى تتمتع بدورة حياة قصيرة؛ زادت تکلفة البحوث والتطوير وتکلفة تصميم المنتجات، الأمر الذى ترتب عليه وجود ضرورة ملحة لتطوير کل من اساليب المحاسبة الادارية، وأساليب الرقابة الادارية، ومؤشرات قياس الآداء لتتناسب مع أنشطة المنشآت التى تعتمد على الابتکار بهدف خفض التکلفة والإرتقاء بمستوى دقة قياس تکلفة المنتج بداية من تصميم المنتج وحتى طرحه فى الأسواق.

مشکلة البحث:

وعلى الرغم من تعدد الدراسات التى تناولت عدم ملاءمة أدوات إدارة التکلفة ونظم التکاليف التقليدية فى ظل بيئة التصنيع الحديثة المطبقة فى المنشآت المعتمدة على الابتکار، إلاّ أنها أشارت إلى العديد من أدوات إدارة التکلفة ونظم التکاليف التى من المتوقع أن تعمل على رفع کفاءة قياس التکلفة فى تلک المنشآت والتى کان من أبرزها نموذج بوابة المراحل، وعمومية العناصر، والتکلفة المستهدفة، و نظام تکلفة تدفق القيمة، والمحاسبة على أساس النشاط، ومنصة المنتجات، وهندسة القيمة، وتحليل تکلفة الوظائف، واسلوب کايزن ... إلخ. إلاّ أن تلک الدراسات –  فى حدود علم الباحثان – لم تضع نموذجاً يعد الأفضل للتطبيق فى تلک المنشآت.

وبناء على ماسبق، تتمثل مشکلة البحث فى عدم تحديد أفضل أدوات إدارة التکلفة ونظم قياس التکلفة التى يمکن تطبيقها فى بيئة التصنيع الحديثة المطبقة فى المنشآت المعتمدة على الابتکار بهدف الارتقاء بمستوى دقة قياس تکلفة المنتجات الجديدة بتلک المنشآت.  

أهمية البحث:

            ترجع أهمية البحث إلى زيادة حدة المنافسة العالمية واعتماد المنشآت التى ترغب فى البقاء فى ظل تلک المنافسة على إبتکار وتطوير المنتجات؛ وبالتالى حاجة المنشأة إلى تحديد أفضل أساليب إدارة التکلفة ونظم التکلفة التى يمکن اعتمادها للإرتقاء بمستوى دقة تکلفة المنتج لدعم الميزة التنافسية فى تلک المنشآت.

هدف البحث:

يهدف البحث إلى تقديم إطار مقترح للإرتقاء بمستوى دقة قياس تکلفة المنتج فى المنشآت المعتمدة على الابتکار عن طريق تحقيق التکامل بين نموذج بوابة المراحل (SGM) و نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile)  لقياس التکلفة باستخدام نظام تکلفة تدفق القيمة(VSC) .

خطة البحث:

بالإضافة إلى ما سبق يمکن تقسيم البحث کما يلى:

أولاً: بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار وتطورنظم التصنيع بها.

ثانياً: نموذج بوابة المراحل کآداه لادارة التکلفة.

ثالثاً: اطار مقترح لقياس التکلفة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار.

رابعاً: دراسة حالة فى قطاع الأدوية.

خامساً: النتائج والتوصيات.

بحوث مستقبلية مقترحة

قائمة المراجع

أولاً: بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار وتطورنظم التصنيع بها.

1)    بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار

لقد کان للتغيرات التى حدثت فى البيئة المحيطة بالمنشآت أثر کبير على تلک المنشآت فى توجيهها للإعتماد على الإبتکار حتى تتمکن من الإستمرار فى سوق المنافسة الشديدة سريعة التغيرات غير المتوقعة، بل وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة. واتسمت البيئة المحيطة بتلک المنشآت بعدم الإستقرار حيث کانت بها تغيرات مستمرة فى جوانب عدة؛ ومن أهمها: (أ) تغيرات السوق؛ وذلک بسبب تنوع فئات العملاء وإختلاف خصائصهم والتسارع فى تغيير نماذج ومواصفات المنتجات وقصر دورة حياتها،(ب) تغيرات أسس ومعايير المنافسة؛ وذلک بسبب زيادة الضغوط البيئية لخفض التکلفة، وزيادة مجالات الإبداع والإبتکار، وتغير ردود أفعال المنافسين محلياً وعالمياً، فضلا عن ترکيز العملاء على أدق تفاصيل المنتج بدلاً من الإعتماد على الخصائص العامة فقط، (جـ) تغيرات مطالب العملاء؛ وترتبط برفع مستويات الجودة وتخفيض أوقات التسليم،  (د) تغيرات تکنولوجية؛ وترتبط بالآلات، والمعدات، والبرمجيات المتطورة، والنظم التکاملية فى مجالات التصنيع والتشغيل، (هـ) تغيرات اجتماعية؛ وتشمل المجالات السياسية، والقانونية، والثقافية، والأمور المرتبطة بالقوى العاملة، وأماکن العمل، (و) تغيرات فى التکلفة؛ ويرجع ذلک إلى ضرورة ضمان تحقيق مستوى ربح معين من خلال السيطرة على التکلفة الإجمالية للمنتجات مع عدم الإخلال بمستوى جودة المنتجات بل العمل على رفعها. (Demir, 2013, p. 54), , (مخيمر, وآخرون، 2014، ص.ص. 514-515), (Conforto, Daniel, 2016, p.7), (Necoletti, 2018, p.p.19-23).

وقد فرضت تلک التغيرات على المنشآت ضرورة الإعتماد على استخدام تقنيات حديثة ونظم خبيرة وآلات تمکنها من ابتکار وإنتاج المنتجات المطلوبة من قبل العملاء بدفعات صغيرة جدا قد تصل إلى وحدة واحدة. وکان من أهم المتطلبات الأساسية لدعم الإبتکار وتحسين القدرة التنافسية نشر ثقافة الإبتکار على جميع مستويات المنشأة وليس فقط أنشطة التصميم الهندسي ومعايير التقييم بل يتم إعادة هيکلة وتصميم کافة العمليات الخاصة بالمنشأة  (Necoletti, 2018, p.p.18-24).

وهناک أربعة نماذج مختلفة للإبتکار لخلق وتعظيم القيمة المقدمة للعميل تتمثل فيما يلي: (أ)الإبتکار المعتمد على تحسين الکفاءة؛ ويهدف هذا النموذج إلى ابتکار طرق جديدة لخفض تکلفة المنتج عن طريق اتباع أساليب کفء لإزالة أنواع الفاقد المختلفة أثناء العملية الإنتاجية. وغالباً ما يتم إتباع هذا الإتجاه فى المنشآت التى تطبق نظم الإنتاج الحديثة، (ب)الإبتکار المعتمد على العلوم والتکنولوجيا؛ ويهدف هذا النموذج إلى الإعتماد على التقنيات التکنولوجية الحديثة فى تعظيم القيمة المقدمة للعملاء ورفع مستوى وعى وادراک العملاء للقيمة الأساسية المقدمة فى منتجات المنشأة، (جـ)الإبتکار المعتمد على التصميم؛ ويتم من خلال هذا النموذج الترکيز على تنفيذ کافة متطلبات العملاء فى مرحلة تصميم المنتجات الجديدة وهو ما ينتج عنه ربح للمنشأة والمستهلک، (د) الإبتکار المعتمد على الفن؛ ويتم من خلال هذا الإتجاه الترکيز على الخصائص الداخلية للمنتج ومن ثم تعظيم قيمة المنتج عند العملاء؛ وغالباً ما يتم تطبيق هذا الإتجاه فى انتاج سلع الرفاهية.(Ross, 2016, p.p.6-7)

وتعتمد کل منشأة على إتجاه الإبتکار الملائم للبيئة المحيطة بها حيث تعتمد بعض المنشآت على الإبتکار والتطوير التدريجى للمنتجات والذى يعتمد على تطوير المنتجات والأسواق الحالية للمنشآت عن طريق حل المشکلات الخاصة بها. و يتناسب هذا الإتجاه من الإبتکار مع البيئة التى تقل فيها درجة عدم التأکد، کما يعتمد على حل المشکلات على المدى الطويل. فى حين تعتمد المنشآت التى تعمل فى بيئة تتسم بالغموض وعدم التأکد وارتفاع نسبة المخاطرة على الابتکارات غير العادية والتى تقوم على توظيف الأفکار الإبتکارية فى المنشأة لتوليد أفکار واستراتيجات ومنتجات جديدة باستخدام تقنيات تکنولوجية حديثة ودائمة التطور مع الدخول إلى أسواق جديدة. ويعتمد هذا الإتجاه على التخطيط قصير الأجل حيث يقوم على عمل التجارب لتحديد العروض التى تجذب العملاء والعمل على ايجاد حلول فريدة وغير متوقعة للمشکلات التى تواجه المنتجات. (York,Jeffrey,2014,p.p.22-23),(Epsten,2016,p.p.11-13)

مما سبق يتضح أنه حتى تتمکن المنشآت من الإستمرار والبقاء وجب عليها الإعتماد على نظم تصنيع حديثة تواکب وتدعم تلبية متطلبات تلک البيئة. وسيتناول الباحثان فيما يلي أهم تطورات نظم التصنيع الحديثة فى تلک البيئة.

2)    تطور نظم التصنيع فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار

تذخر بيئة الأعمال بالعديد من النظم والتقنيات الحديثة للإنتاج، والتى يمکن أن تقود المنشآت المعتمدة على الابتکار نحو تحقيق رغبات العملاء وکسب الحصص السوقية، إلاّ أن کلاً من هذه النظم يحاط بعدد من المحددات التى تتحکم فى مدى إمکانية تطبيقه من عدمه. ومن أمثلة تلک المحددات طلبات العملاء، ونوعية المنتجات وخصائصها الإنتاجية، وزمن دورة هذه المنتجات، فضلاً عن السياسة الإنتاجية للمنشأة.

ويعتبر کل من نظامى الإنتاج الخالى من الفاقد (Lean production) و التصنيع المتجاوب (Agile manufacturing) من أحدث نظم الإنتاج التى يتم تطبيقها فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار بهدف البقاء فى سوق المنافسة و الإستجابة لمتطلبات العملاء مع القدرة على التحکم فى التکلفة والجودة. ولما کان نظام الإنتاج الخالى من الفاقد يهدف إلى خفض التکلفة وإزالة الفاقد ورفع الکفاءة والترکيز على القيمة المقدمة للعميل فى ظل البيئة المستقرة، بينما يُمکن نظام التصنيع المتجاوب المنشأة من التعامل مع البيئة غير المستقرة وسرعة الإستجابة لطلبات العملاء المتغيرة وغير المتوقعة عن طريق رفع قدرة المنشأة على إنتاج منتجات مبتکرة على دفعات صغيرة توافق طلبات ورغبات العملاء وفقاً للتصميم وميعاد التسليم المحدد ؛ اتجهت العديد من المنشآت المعتمدة على الإبتکار إلى تطبيق کلا النظامين معاً فيما يعرف بنظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile manufacturing) بهدف رفع قدرة المنشأة على سرعة الإستجابة لطلبات العملاء المتغيرة غير المتوقعة فضلاً عن خفض التکلفة وإزالة الفاقد.(Duman, et al., 2015, p.262)

ومن خلال تطبيق نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد يتم الاستفادة من مميزات کل من نظام الإنتاج الخالى من الفاقد ونظام التصنيع المتجاوب إلاّ أنه لا يتم تطبيقهما مجتمعين معاً فى کافة المراحل حيث يتم الفصل بينهما من خلال خلق نقطة عدم التلاقى (Decoupling Point) بين تطبيق کلا النظامين (Amir,2011,p.288)وهناک العديد من الإتجاهات لتطبيق نظام الإنتاج المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile) ويعتمد اختيار الإتجاه الأمثل على الإستراتيجيات وطبيعة العمليات والبيئة المحيطة بالمنشأة وذلک على النحو التالى:

• فى حالة المنشآت التى تعتمد على نسبة ضئيلة من منتجاتها– بما يعادل حوالى 20%– فى تحقيق النسبة الأکبر من الأرباح – بما يعادل حوالى 80%– ؛حيث تتمتع تلک المنتجات باستقرار الطلب عليها وارتفاعه ؛ يتم اتباع نظام الإنتاج الخالى من الفاقد فى انتاج تلک المنتجات مما يؤدى إلى خفض تکلفة تلک المنتجات. فى حين يتم اتباع نظام التصنيع المتجاوب فى باقى المنتجات التى تتمتع بالتنوع الشديد، وعدم استقرار الطلب عليها، والتغيرات غير المتوقعة فى طلبات العملاء ؛ مما يؤدى إلى رفع درجة المرونة والإستجابة لطلبات العملاء الخاصة بتلک المنتجات (Goldsby,2006,p.p.61,62)، (الکيلانى، 2019،ص.121) .
• وفى حالة المنشآت التى تعتمد على إنتاج النموذج العام للمنتج حتى الوصول إلى نقطة الإختلاف التى عندها تتحدد طلبات العملاء المختلفة؛ تتبنى تلک المنشآت مبدأ تأجيل الوصول للشکل النهائى للمنتج حتى تلقى طلبات العملاء. وتعتمد تلک المنشآت على تطبيق نظام الإنتاج الخالى من الفاقد فى إنتاج تلک المنتجات وصولاً إلى نقطة عدم التلاقى – حيث يتم الإستفادة من نظام الإنتاج الخالى من الفاقد فى خفض التکلفة وإزالة کافة أنواع الفاقد مع خلق مخزون استراتيجى عند نقطة عدم التلاقى لمواکبة متطلبات العملاء – ثم اتباع مبادئ التصنيع المتجاوب بعد ذلک بهدف تقليل مخاطر نفاد المخزون لفترات طويلة لدى بائع التجزئة أوالاحتفاظ بمخزون کبير جدًا من المنتجات غير المطلوبة وبالتالى زيادة قدرة المنشأة على السرعة والمرونة فى الإستجابة لطلبات العملاء وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة لها    (Shahin,et al., 2016,p.p.233:234), ( Virmani et al., 2018,p.402) (Adel,2020,p.227). وذلک کما هو متبع على سبيل المثال فى صناعة السيارات حيث تقوم شرکة تويوتا بإنتاج السيارات باللون الأبيض ويتم اعتماد اللون النهائى لکل سيارة وفقاً لرغبات السوق؛ لذا يعد التحديد الصحيح لنقطة عدم التلاقى خلال سلسلة التوريد من أهم عوامل نجاح نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد. (Nieuwenhui, Elin, 2015,p.235)
• وفى حالة المنشآت التى تتمتع باستقرار الطلب على منتجاتها من حيث التنوع والکمية وعدم وجود تنوع کبير فى المنتجات؛ تتجه نقطة عدم التلاقى إلى نهاية سلسلة التوريد حيث تعتمد المنشأة على تطبيق مبادئ نظام الإنتاج الخالى من الفاقد فى معظم مراحل سلسلة التوريد و يتم اتباع مبادئ التصنيع المتجاوب فى نهاية السلسلة فقط بهدف رفع کفاءة المنشأة وسرعة استجابتها لرغبات العملاء وذلک بما يعرف بـ – Lean Oriented Leagile – (Zheng, 2010, p.p33-35).
• أما المنشآت التى تتمتع بعدم استقرار الطلب؛ فتعتمد على تطبيق نظام التصنيع المتجاوب فى معظم العمليات والإعتماد على أحدث التقنيات التکنولوجية بهدف رفع کفاءة المنشأة وزيادة السرعة والمرونة فى الإستجابة لطلبات العملاء مع تطبيق مبادئ وأدوات نظام الإنتاج الخالى من الفاقد لتبسيط خط الإنتاج والقضاء على الفاقد وخفض التکلفة فضلاً عن رفع الکفاءة والمرونة وسرعة الإستجابة لطلبات العملاء وذلک بما يعرف بالإتجاه الأکثر تجاوباً من التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد – Agile Oriented Leagile – . (Zheng, 2010, p.p33-35)
• وفى حالة المنشآت التى تتمتع باستقرار الطلب على منتجاتها؛ يتم اتباع نظام الإنتاج الخالى من الفاقد؛ ولکن فى حالة حدوث طلبات مفاجئة غير متوقعة يتم اتباع نظام التصنيع المتجاوب لتوفير تلک الطلبات. (الکيلانى، 2019، ص.123)

ويجمع نظام الإنتاج المتجاوب الخالى من الفاقد بين الأدوات المطبقة فى کل من نظام الإنتاج الخالى من الفاقد ونظام التصنيع المتجاوب؛ والتى تتمثل أهمها فى إدارة الجودة الشاملة (TQM)، وعمليات الصيانة المانعة (TPM)، وتخطيط الموارد (ERP)، وتبادل البيانات الرقمية، والتشغيل الآلى (Automation)، والإنتاج حال الطلب (JIT)،و6-سيجما، واسلوب کايزن، والتحالف بين الموردين، وتوطيد العلاقات مع الموردين، وأسلوب تنظيم خصائص العمل  (5S)، والتصنيع الخلوى، وتخطيط مسار تدفق القيمة (VSM)، ورفع کفاءة ومهارات العاملين، وتأکيد الجودة، والتصميم بغرض التصنيع بأقل تکلفة (Design for Manufacturing)، وسلسلة التوريد الإفتراضية، وتکامل العمليات وادارة الآداء. (Zheng, 2010, p.p36:38), (Virmani et al., 2018, p.404), (Perera, et al., 2020, p.p.1136-1137)

ويؤدى تطبيق نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد إلى تحقيق العديد من المنافع من أهمها: زيادة القيمة المقدمة للعميل، وتعزيز المنافسة عن طريق تنظيم تدفق المواد والمعلومات، واتباع التخطيط المنهجى من خلال تحسين ودعم القيام بالعمليات حين طلبها، ودعم التواصل عبر أقسام المنشأة باستخدام أحدث الأساليب التکنولوجية، وتعظيم الإستفادة من مهارات العاملين بالمنشأة. (Perera, et al., 2020, p.1136)

مما سبق يتضح أن نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد يعد من أنسب نظم التصنيع فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار حيث يدعم عملية ابتکار المنتجات الجديدة ويضمن لتلک المنشآت البقاء فى ظل المنافسة الشديدة عن طريق رفع درجة المرونة والإستجابة لطلبات العملاء المتغيرة. إلاَ أن اعتماد تطبيق هذا النظام يجب أن يصحبه تطبيق أدوات ونظم ملائمة لإدارة وقياس التکلفة بشکل مبسط ودقيق حتى تتمکن تلک المنشآت من تعظيم الإستفادة منه. وهو ما سيتم تناوله فيما يلي.

ثانياً: نموذج بوابة المراحل کآداه لادارة التکلفة.

أشارت العديد من الدراسات إلى عدم ملاءمة أدوات إدارة التکلفة ونظم التکاليف التقليدية لقياس تکلفة المنتجات فى ظل المنشآت المعتمدة على الإبتکار؛ حيث أشار بعضها إلى انه على الرغم من سيادة الممارسات التقليدية فى معظم المنشآت الا انها لا تتفاعل مع التغيرات او الاداء التنظيمى المعتمد على الإبتکار. کما أن المنشآت التى تستخدم الممارسات الحديثة لديها قدرة اکبر على تغيير الاداء التنظيمى ودعم الابتکار (Nuhu, et al., 2016, p.88). إلا أن هناک بعض الدراسات التى أشارت إلى أن تطبيق نموذج بوابة المراحل يدعم زيادة درجة دقة قياس التکلفة کما أشار بعضها الآخر إلى أن قياس تکلفة المنتجات باستخدام نظام تکلفة تدفق القيمة (VSC) فى ظل المنشآت المعتمدة على الإبتکار يؤدى الى قياس التکلفة بشکل أکثر دقة. (Cooper,2006), (Backlund, 2013), (Aslahzadeh & Davoodi,2014)

وفى ضوء ما سبق سيتم تناول مفهوم نموذج بوابة المراحل وأثر تطبيقه على دعم دقة قياس التکلفة وفقاً لنظام تکلفة تدفق القيمة فى ظل بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار؛ حيث يعد نموذج بوابة المراحل خارطة طريق لعملية ابتکار المنتجات الجديدة حيث يتم تقسيم عملية ابتکار المنتج إلى عدة مراحل؛ کل مرحلة تشمل مجموعة من الأنشطة المتوازية والمتداخلة، وفى نهاية کل مرحلة توجد بوابة يتم فيها اتخاذ القرار باستمرارية المنتج للمراحل التالية أو منعه وإيقافه عند تلک المرحلة. وتعد تلک البوابات فى جوهرها نقاط فحص لجودة المنتج حيث تقوم الادارة بمراجعة المشروع وتقرير ما إذا کان يجب الاستمرار للمراحل التالية والافراج عن الاموال والمواد من أجل اتمامه من عدمه (Aslanzadeh, Davoodi, 2014,p.8). و فى حالة خروج عملية التطوير عن السيطرة تماما يکون الإنهاء أو إعادة التشغيل ضرورة؛ ومن ثم فإن تحديد المشکلات فى أقرب وقت ممکن يوفر قدراً کبيراً من الوقت/المال. لذا ينصح بوضع بوابات عالية الجودة قبل المراحل ذات التکلفة والتأثير العالى؛ کما هو الحال قبل اقتناء معدات الإنتاج. (Wuest, et al.,2014, p. 34)

ومن أهم أهداف النموذج تخفيض کل من التکلفة والوقت الخاصين بعملية تطوير المنتجات وحظر تشغيل منتجات تالفة وغير مطابقة للمواصفات المطلوبة وهو ما يؤدى إلى رفع مستوى جودة المنتجات؛ حيث يقدم النموذج ميزة انشاء آلية لمراقبة العملية والتحکم فيها دون وضع اطار زمنى محدد حيث يعتمد على حالة المشروع. ويقوم هذا النموذج على رفع کفاءة العملية الانتاجية، خفض التکلفة، فضلا عن دعم الميزة التنافسية والفاعلية ورفع معدلات نجاح المنتج(Cooper, 2008, p.228). و قد تم تطبيق هذا النموذج فعليا وحقق نجاحاً کبيراً فى تطبيقه وخاصة فى مجال صناعة السيارات حيث يتم إعتماده فى منشآت رائدة فى هذا المجال من أهمها  (GM & Audi & BMW) (Wuest et al., 2014,p.32 , 34). وفقاً للدراسات التى تمت فى مرکز الانتاجية والجودة الأمريکية (APQC)، وجمعية تطوير وإدارة المنتجات (PDMA) تبين أن معظم المنشآت التى کان لديها أفضل التطبيقات فى مجال تطوير المنتجات الجديدة کانت تطبق نموذج بوابة المراحل (SGM). (Cooper, 2015,p.2)

ويعتمد نجاح تطبيق نموذج بوابة المراحل على تقسيم عملية ابتکار المنتجات الجديدة إلى عدة مراحل بحيث توجد بين کل مرحلة وأخرى بوابة يتم من خلالها اتخاذ القرار بالاستمرار والانتقال للمرحلة التالية أو التوقف أو إعادة التشغيل. لذا يجب التفرقة بين مفهومى المراحل والبوابات وتحديد أهم المبادئ التى يجب مراعاتها عند تقسيم عملية ابتکار المنتجات الجديدة إلى مراحل وبوابات؛ وذلک على النحو التالى:

أ‌)     المراحل، حيث يمکن تصوير عملية الابتکار على أنها سلسلة من المراحل کل مرحلة تتکون من مجموعة من الأنشطة المختارة واللازمة لتقدم المشروع نحو البوابة التالية أو نقطة إتخاذ القرار. وتتمثل أهم المبادئ التى تمکن المنشأة من تخطيط وتنفيذ مراحل عملية ابتکار المنتجات الجديدة بوضوح وإحترافية في تصميم کل مرحلة لجمع المعلومات بهدف تقليل المخاطر ونقاط عدم التأکد، و کون تکلفة کل مرحلة أعلى من المرحلة السابقة بحيث يکون هناک التزام تصاعدى (تدريجى)  للموارد، فضلاً عن تنفيذ الأنشطة داخل کل مرحلة بالتوازى ومن قبل فريق متخصص من مختلف المجالات الوظيفية داخل الشرکة(Cooper, 2008, p.216).

ب‌)البوابات، يلي کل مرحلة بوابة (نقطة اتخاذ قرار)؛ حيث تعمل تلک البوابات کنقاط فحص ومراقبة للجودة. ويتم من خلال تلک البوابات تحديد نقاط اختبار يکون محدداً لها متطلبات معينة ومحددة من قبل العميل ومقدم العملية. وبذلک يتضح أن الهدف من بوابات الجودة هو تحسين جودة المنتج النهائى من خلال مراقبة عملية تطوير المنتجات والتحکم فيها، کما أنها تعمل على خفض تکلفة، و وقت، وخطر سير عملية ابتکار المنتج فى اتجاه غير مرغوب فيه. لذا يجب وضع البوابات قبل مراحل معينة وبالأخص التى تنطوى على استثمارات عالية أو التى تعتمد على نتائج المراحل السابقة. (Wuest, et al.,2014, p. 34,35)وقد اتفقت العديد من الدراسات على أن النموذج النمطى لبوابة المراحل ينقسم إلى ست مراحل وخمس بوابات أساسية وذلک کما هو موضح فى الشکل رقم(1).

وتتمثل المراحل فيما يلي:(1)الإستکشاف: وتعد هذه المرحلة أولية يتم من خلالها اکتشاف الفرص المتاحة تمهيداً لوضع أفکار للمنتجات الجديدة، (2)تحديد النطاق:  يتم من خلال هذه المرحلة توفير معلومات غير مکلفة تعتمد على البحث المکتبي؛ بهدف انتقاء بعض الأفکار من المرحلة الاستکشافية وتضييق قائمة المشروعات المقدمة من المرحلة السابقة، (3)بناء حالة عملية: يتم من خلال تلک المرحلة جمع معلومات أکثر تمکن من تحديد وتعريف المنتج، و وضع خطة المشروع کاملة، (4)التطوير: تعد هذه المرحلة أطول المراحل نسبياً؛ حيث يتم من خلالها وضع التصميم التفصيلي للمنتج الجديد وتطويره فضلا عن وضع خطة الانتاج واختبار المنتج ووضع خطة التسويق، (5) الاختبار والتحقق: تجرى فى هذه المرحلة الإختبارات والتجارب السوقية للمنتج للتحقق من عمليات الإنتاج والتسويق الخاصة به؛ وذلک عن طريق عمل دراسات ميدانية واختبارات تجريبية لبيع المنتج، (6) إطلاق المنتج للسوق: تُنَفَّذ فى هذه المرحلة خطة اطلاق المنتج الجديد فى الأسواق فضلاً عن تنفيذ عمليات التوزيع والبيع وما بعد البيع کاملةً حيث تمثل نقطة البداية لتطوير المنتج وإبتکار منتجات جديدة.  (Cooper, 2015, P.P 2,3),(Cooper, Soomer,2016, P.169) ,(Cooper, 2017, P.49) ,(Mills, et al., 2020, P.578).

فى حين تتمثل البوبات الخمس فى: (1) فحص الفکرة: وفيها يتم فحص الافکار المقدمة فى مرحلة الاکتشاف الاولى واتخاذ القرار بالانتقال الى المرحلة التالية وهى تحديد النطاق، (2)الفحص الثانى للفکرة: ويتم فيها اعادة فحص الأفکار التى تم اختيارها بعد المعلومات التى تم جمعها فى مرحلة تحديد النطاق واتخاذ القرار بشأن الإنتقال للمرحلة التالية ووضع خطة المشروع، (3) بدء عملية التطوير: ويتم فيها إتخاذ القرار ببدء عملية ابتکار المنتجات الجديدة والتخطيط لها، (4) اختبار المنتجات (Go to Test): ويتم فيها اتخاذ القرار بعمل اختبارات تجريبية للمنتج قبل نزوله للاسواق، (5) اطلاق المنتج فى الاسواق : ويتم هنا اتخاذ القرار الخاص باطلاق المنتج النهائى للأسواق. (Cooper, 2006, P.P 5-6)

مما سبق يتضح أن نموذج بوابة المراحل (SGM) يعد من أفضل الأساليب وأکثرها ملاءمة لدعم خفض التکلفة وزيادة کفاءة عملية ابتکار المنتجات الجديدة فى المنشآت المعتمدة على الابتکار. ألاّ أنه بحاجة إلى نظام مناسب لقياس التکلفة يسعى لتحقيق أهداف ومتطلبات النموذج؛ حيث إن النظم التقليدية لم تعد ملائمة لقياس التکلفة فى ظل بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار حيث إنه کان قد تم تصميمها وفقاً لإحتياجات ومتطلبات الإنتاج الکبير دون العمل على توفير المعلومات الصحيحة والمناسبة فى الوقت المناسب لمراحل سلسلة القيمة الخاصة بعملية ابتکار وتطوير المنتجات الجديدة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار والتى تطبق نموذج بوابة المراحل. لذا کان لا بد من الإعتماد على نظام بسيط لقياس التکلفة يوفر المعلومات الصحيحة المطلوبة وفى الوقت المناسب فضلاً عن کونه لا يحفز على بناء المخزون، ويزيد من درجة دقة قياس تکلفة المنتج،  ويعمل على التخلص من التقارير التفصيلية وغير الضرورية. ولتلبية هذه المتطلبات ظهر ما يعرف بنظام تکاليف تدفق القيمة (VSC) والذى يعد أحد طرق تبسيط قياس التکاليف الملائمة لإحتياجات المنشآت المعتمدة على نظم التصنيع الحديثة.

ويرتکز نجاح تطبيق نظام تکاليف تدفق القيمة (VSC) على عدة مقومات أساسية يتمثل أهمها فى: (أ) تتبع التکاليف الفعلية مباشرة على مسار تدفق القيمة والذى يعد غرض التکلفة، (ب) تقرير الإحتياجات بناء على مسارات تدفق القيمة وليس على أساس الأقسام، (جـ) وضع العملية الإنتاجية تحت الرقابة، (د) تحديد عناصر التکاليف بالقدر المستخدم فعلياً داخل مسار تدفق القيمة الأمر الذى يمکن معه تتبع تلک التکاليف مباشرة على مسار تدفق القيمة، (هـ)تخصيص العاملين داخل مسارات تدفق القيمة بشکل منفصل أو بأقل قدر من التداخل وکذا تقليل الأقسام الخدمية المشترکة بين مسارات تدفق القيمة المشترکة، (ز) عدم تضمين تکاليف مسار تدفق القيمة بقيمة تکاليف الموارد التى تخدم المنشأة ککل ولا يمکن تتبعها بشکل مباشر على مسارات تدفق القيمة ويتم معالجتها على أنها تکاليف دعم للمنشأة ککل “Sustaining Costs”، (ح) تعد البيانات والمعلومات التکاليفية على أساس فترة زمنية تتراوح بين أسبوع وشهر., (blocher, et al., 2016, p.716), (فودة، آخرون، 2019، ص.281)

ويعد التحديد والتخطيط الصحيح لمسار تدفق القيمة من أهم المقومات اللازمة لنجاح تطبيق نظام تکلفة تدفق القيمة حيث إنه يتمثل فى کافة الأنشطة اللازمة لإضافة قيمة للمنتج بداية من عمليات التصميم وحتى توصيل المنتج للعميل وليس فقط العمليات التصنيعية والتى تمثل مرحلة واحدة فقط من الأنشطة التى تضيف قيمة للمنتج (الصغير،2019،ص.19). لذا يعد مسار تدفق القيمة هو غرض التکلفة فى ظل تطبيق نظام تکلفة تدفق القيمة حيث يمکن من خلاله تتبع کافة عناصر التکاليف الفعلية. ويتم تخطيط مسار تدفق القيمة عن طريق تصوير کافة العمليات والأنشطة الحالية المضيفة للقيمة – Current State Map –  خلال مسار تدفق القيمة لتتبع تدفق المعلومات وعناصر التکلفة بشکل مرئى ومباشر فضلاً عن إمکانية التنبؤ بالحالة المستقبلية لتلک العمليات بهدف تحسين أداء المنشأة، وتحديد الأنشطة التى لا تضيف قيمة وبالتالى تحسين وتطوير مسار تدفق القيمة مما يترتب عليه تقليل الهدر والحرکات غير الضرورية والمخزون الزائد وغيرها من الأنشطة غير المضيفة للقيمة – Future State Map –.(عبد المجيد، خلف الله، 2019،ص.14)

وبذلک يتضح أن اعتماد المنشآت على تطبيق نظام تکلفة تدفق القيمة يحقق لها العديد من المنافع والمميزات يتمثل أهمها في تقديم تقارير مالية ذات محتوى واضح ودقيق ومبسط وملائم وفى الوقت المناسب لاتخاذ القرارات فى بيئة التصنيع الحديثة، وتحديد الطاقة غير المستغلة ودعم التحسين المستمر لکافة عمليات مسار تدفق القيمة وبالتالى خفض التکلفة وزيادة الإنتاجية، وتبسيط العملية المحاسبية وتوفير المعلومات التفصيلية عن أنشطة مسار تدفق القيمة وبالتالى توضيح أثر الانعکاسات المالية والتکاليفية لجهود تعزيز ثقافة التحسين المستمر، والحد من ممارسات إدارة الأرباح المتعلقة بالمخزون، والتخلص من عمليات توزيع التکلفة غير المباشرة. (العربي،2012، ص.49)، (المشهراوى،2015، ص.ص.73-74)، (غالى،2017،ص.473)، (فودة، وآخرون،2019، ص.ص. 289-290).

وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن نموذج بوابة المراحل من أکثر الأدوات ملاءمة لعملية تطوير المنتجات الجديدة فى ظل بيئة التصنيع الحديثة وفقاً لما يترتب عليه من زيادة درجة المرونة والسرعة فى الإستجابة لطلبات العملاء وخفض التکلفة فى بعض الأحيان (Cooper,2008), (Aslahzadeh & Davoodi,2014), (Wuest, et al,2014). وقد أشارت دراسات أخرى إلى نجاح التکامل بين نموذج بوابة المراحل ونظام التصنيع المتجاوب فيما يعرف بنموذج بوابة المراحل المتجاوب (Agile Stage Gate Model) وما له من أثر إيجابي على جودة المنتجات، وانهائها فى الوقت المحدد فى حدود الميزانية الموضوعة(Conforto, et al., 2016), (Cooper, 2017), (Cooper, Sommer, 2020) .  فضلاً عن وجود بعض الدراسات التى أسفرت عن وجود علاقة سلبية بين نموذج بوابة المراحل ووقت وتکلفة عملية تطوير المنتجات الجديدة . (Bianchi, et al., 2020)

          الأمر الذى حدا بالباحثان السعى إلى تقديم إطار مقترح لدراسة التکامل بين نموذج بوابة المراحل ونظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد بإعتباره من أفضل نظم الإنتاج الحديثة الملائمة لعملية ابتکار المنتجات الجديدة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار فيما يعرف بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile Stage Gate Model)، مع قياس التکلفة إعتماداً على نظام تکلفة تدفق القيمة (VSC)، وأثر ذلک على الإرتقاء بدرجة دقة قياس تکلفة المنتج فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار؛ وهو ما سيتم تناوله فيما يلي.

ثالثاً: اطار مقترح لقياس التکلفة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار.

          يعتمد نجاح المنشآت فى تعظيم الإستفادة من الموارد الإنتاجية المتاحة على الترکيز على أربعة جوانب اساسية والتى تعد مؤشرات الأداء الرئيسة للمنشأة وتتمثل فى: (1)الجودة: وهى قدرة المنشأة على انتاج منتجات مطابقة للمواصفات المحددة سلفاً والتى تتفق مع حاجات ورغبات العملاء، (2)التکلفة: وهى قدرة المنشأة على تقديم منتجات بأقل تکلفة ممکنة من خلال الإستخدام الأمثل للطاقة الإنتاجية المتاحة، (3)المرونة: قدرة المنشأة على انتاج مجموعة واسعة من المنتجات وادخال منتجات جديدة وتعديل المنتجات الحالية بشکل سريع وبما يلائم طلبات العملاء، (4)التسليم فى الوقت المناسب: وهى قدرة المنشأة على تسليم المنتجات للعملاء وفقاً للجداول الزمنية المتفق عليها. (المنسي،2014،ص.ص47-48)

          وبينما يحتل الابتکار مرتبة أعلى من أي وقت مضى على جدول الأعمال الاستراتيجي لکبار المديرين ، ويستمر الإنفاق على البحث والتطوير في النمو ، يظل الفشل في تلبية أهداف الوقت والتکلفة والجودة مرتفعًا(bianchi, 2020, p.538) ؛ حيث ترکز المنشآت المعتمدة على الإبتکار على اکتساب النفوذ والقوة فى سوق المنافسة عن طريق القياس الدقيق للتکلفة (تکلفة المواد، العمالة، التکاليف الأخرى) فى اسرع وقت ممکن وهو ما يلعب دوراً أساسياً فى عملية ابتکار وتطوير المنتجات الجديدة وتقديمها للأسواق بسعر تنافسي ومن ثم ضمان بقاء المنشأة فى الأسواق والبعد عن تکلفة الفرصة البديلة(Ellram, et al., 2020,p.3).

          وفيما يلى سوف يقدم الباحثان اطاراً مقترحاً لقياس التکلفة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار عن طريق التکامل بين کل من نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد ونموذج بوابة المراحل فيما يعرف بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile SGM)  مع قياس التکلفة اعتماداً على نظام تکلفة تدفق القيمة(VSC)  حيث يتم تتبع کافة التکاليف الفعلية المرتبطة بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد بشکل مباشر باعتباره مسار تدفق القيمة (غرض التکلفة). وذلک کما بالشکل (2).

          وحتى يتسنى تطبيق هذا الإطار المقترح يجب أولاً التأکد من اعتماد المنشآت محل التطبيق نظام التصنيع المتجاوب الخالى من الفاقد؛ وذلک عن طريق التحقق من وجود مؤشرات تطبيق هذا النظام وتتمثل أهم هذه المؤشرات فى وجود خطة واضحة لتنمية مهارات العاملين بالمنشأة فى کافة الأقسام، تطبيق مدخل الإنتاج حال الطلب، وتطبيق مبادئ الجودة الشاملة، وتطوير البنية التحتية للمنشأة، وإعتماد مدخل تقليل الفاقد، تطبيق مبدأ التحسين المستمر، وزيادة التفاعل مع العملاء، وتکامل المعلومات، والإعتماد على خطط مرنة، واتباع مبدأ تأجيل بعض العمليات لحين الطلب الفعلى من العملاء، وتوطيد العلاقات مع الموردين.(Perera, et al., 2020, p.1140)

          وعلى الرغم من إعتبار نموذج بوابة المراحل أحد أهم أدوات إدارة التکلفة وأکثرها ملاءمة لبيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار – حيث يتم من خلاله تقسيم عملية ابتکار المنتجات الجديدة إلى مراحل متتالية کل مرحلة لها أهداف محددة ونتائج متوقعة ويفصل کل مرحلة عن الأخرى بوابة (نقطة اتخاذ قرار) لتحديد استمرارية المرور للمرحلة التالية من عدمه – إلاَ أن بعض الدراسات أشارت إلى أن تطبيق هذا النموذج قد يؤدى إلى بطء عملية ابتکار وتطوير المنتجات الجديدة؛ وهو ما لا يتفق مع طبيعة بيئة المنشآت المعتمدة على الإبتکار.

          لذا يرى الباحثان أن التکامل بين کل من نظامى الإنتاج المتجاوب الخالى من الفاقد وبوابة المراحل  فيما يعرف بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد(Leagile Stage Gate Model) سيؤدى إلى رفع الکفاءة والمرونة وسرعة الإستجابة فى عملية ابتکار وتطوير المنتجات الجديدة؛ وذلک عن طريق فرض قيود زمنية على کل مرحلة بما يلائم الوقت الفعلى اللازم لها. فضلا عن خفض التکلفة وتقليل الفاقد؛ وذلک عن طريق عمل مخطط لخط الإنتاج الحالى(Current Map) وتحديد أهم نقاط الضعف واستبعاد کافة الأنشطة التى لا تضيف قيمة للعميل؛ وذلک من خلال المخطط المستقبلى (Future Map) لخط الإنتاج والذى يتم فيه اتباع مبادئ الإنتاج الخالى من الفاقد حتى نقطة عدم التلاقى – والتى تختلف من منشأة لأخرى حيث تحددها کل منشأة وفقاً لطبيعة المنتجات الخاصة بها والاستراتيجيات المتبعه بها والبيئة المحيطة لها – ثم يتم اتباع مبادئ وأدوات التصنيع المتجاوب وتأجيل بعض العمليات التى تمثل نقاط الإختلاف لحين ورود طلبات من العملاء ليتم انتاج المنتجات النهائية وفقاً لطلبات العملاء مما يدعم المرونة وسرعة الإستجابة لطلبات العملاء وکذا تقليل الفاقد وخفض الوقت والتکلفة.

          وتتمثل المراحل والبوابات الخاصة بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد (Leagile SGM) فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار – وذلک وفقاً للمخطط النمطى لنموذج بوابة المراحل والذى يمکن أن يتغير من منشأة لأخرى وفقاً لطبيعة نشاطها والبيئة المحيطة بها والإتجاه المتبع من قبل المنشأة فى تطبيق نظام الإنتاج المتجاوب الخالى من الفاقد – ؛ وذلک کما هو موضح بالشکل رقم(3).

          مما سبق يتضح أن نموذج بوابة المراحل يقوم على تخطيط مراحل عملية ابتکار المنتجات الجديدة فضلاً عن اختيار أفضل الفرص المتاحة لإبتکار المنتجات الجديدة وتصميمها وکذا اختيار أفضل تخطيط لخط الإنتاج وأفضل الأسواق لطرح تلک المنتجات وأفضل طرق لتسويقها.

          ولتعظيم الإستفادة الناتجة من تطبيق نموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد؛ يجب قياس تکلفة المنتجات الجديدة إعتماداً على نظام تکاليف يدعم قياس التکلفة الفعلية بسهولة ودقة ويعمل على تقديم المعلومات الخاصة بالتکلفة فى الوقت المناسب مما يدعم قدرة المنشأة على الإستمرار فى سوق المنافسة. ويرى الباحثان أن نظام تکلفة تدفق القيمة يعد من أنسب نظم قياس التکلفة وأکثرها ملاءمة لنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد حيث يتم إعتبار نموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى من الفاقد هو مسار تدفق القيمة (غرض التکلفة)؛ ومن ثم يمکن تتبع التکاليف المباشرة الخاصة بکافة المراحل والبوابات على المسار وحسابها بدقة وسهولة. أما التکاليف التى لا تخص مسار تدفق القيمة بشکل مباشر يتم استبعادها ولا تحسب ضمن تکلفة مسار تدفق القيمة بل يتم توجيه تلک التکاليف محاسبياً إلى قائمة الدخل حيث تعد تکاليف دعم للمنشأة بالکامل وتؤخذ فى الإعتبار فقط عند تحديد ربحية المنشأة بالکامل وليس ربحية مسارات تدفق القيمة؛ ومن ثم إمکانية حساب تکلفة مسار تدفق القيمة  بدقة وسهولة. ويتم حساب التکلفة لفترة تتراوح بين أسبوع وشهر على الأکثر.

          وتتمثل التکاليف المتعلقة بنموذج بوابة المراحل المتجاوب الخالى مــن الفــاقد – والذى يمثل مسار تدفق القيمة – في کافة التکاليف التى يمکن تتبعها بشکل مباشر على مسار تدفق القيمة بدءاً من التکلفة الخاصة بالبحث والتطوير وابتکار المنتج حتى شحنه للعميل؛ والتى يمکن تلخيصها فى، تکلفة البحوث والتطوير، وتکلفة العمالة، وتکلفة الآلات، وتکلفة التسهيلات، وتکاليف أخرى. وبعد حساب تکلفة مسار تدفق القيمة يمکن حساب تکلفة المنتج بسهولة ودقة؛ حيث يتم حساب متوسط تکلفة المنتج بناء على عدد الوحدات التى تم إنتاجها وشحنها للعميل خلال فترة حساب التکلفة.

          مما سبق يمکن القول بأن هناک العديد من المنافع المتوقع تحقيقها عند تطبيق الإطار المقترح بالمنشآت المعتمدة على الإبتکار؛ يتمثل أهمها في: سهولة تخطيط عملية تطوير المنتجات الجديدة وإزالة الفاقد والأنشطة التى لا تضيف قيمة، وفرض قيود زمنية على عملية ابتکار المنتجات الجديدة لضمان خروجها للأسواق فى أسرع وقت ممکن بما يفى بطلبات العملاء ومستوى الجودة المطلوب فى الوقت المحدد، وإمکانية تتبع التکلفة الفعلية وقياسها بسهولة خلال عملية تطوير المنتجات الجديدة، ورفع قدرة المنشأة على المرونة والإستجابة لطلبات العملاء، زيادة القدرة التنافسية للمنشآت المعتمدة على الإبتکار فى ظل البيئة شديدة المنافسة سريعة التغير. وسيتم إختبار مدى ملاءمة هذا الإطار المقترح لقياس التکلفة فى المنشآت المعتمدة على الإبتکار من خلال الدراسة التطبيقية فيما يلي.